وَاَلَّذِي خَرَجَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ لَمْ يَلْتَزِمْ حُكْمَ الْإِسْلَامِ مُطْلَقًا، فَإِنْ كَانَ أَسْلَمَ أَوْ صَارَ ذِمَّةً ثُمَّ اخْتَصَمَا أَبْطَلَ الْقَاضِي ذَلِكَ الْبَيْعَ، وَأَمَرَ بِرَدِّ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى مَنْ أَعْطَاهُ.
لِأَنَّ إسْلَامَهُ الطَّارِئَ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْقَبْضِ بِحُكْمِ الْعَقْدِ كَالْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ، بِمَنْزِلَةِ الذِّمِّيِّ يَبِيعُ الْخَمْرَ لِلذِّمِّيِّ فِي دَارِنَا ثُمَّ يُسَلِّمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ. أَوْ الْمُسْلِمُ يَبِيعُ الْمُسْلِمَ عَصِيرًا فَيَتَخَمَّرُ قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة: ٢٧٩] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٢٧٨] فَهُوَ تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يُقْبَضْ يَجِبُ تَرْكُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ.
٢٩٠٢ - وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسْلِمُ مَا شَرَطَ لَهُ الْحَرْبِيُّ.
لِأَنَّ الْبُقْعَةَ صَارَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِحُكْمِ عَقْدِ الرِّبَا، فَيُجْعَلُ هَذَا وَمَا لَوْ كَانَتْ دَارُ الْإِسْلَامِ عِنْدَ الْعَقْدِ سَوَاءً بِخِلَافِ خُرُوجِهَا إلَى دَارِنَا فَإِنَّ هُنَاكَ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْإِسْلَامِ فِي تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْمَعُ الْخُصُومَةَ فِيهَا فَيَأْمُرُهُ بِالرَّدِّ فِيمَا لَمْ يَتِمَّ الْقَبْضُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: أَلَا إنَّ كُلَّ رِبًا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَهُوَ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا يُوضَعُ هُوَ رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» . وَإِنَّمَا بَدَأَ بِعَمِّهِ لِيُتَبَيَّنَ أَنَّ أَوَامِرَهُ لَيْسَتْ عَلَى نَهْجِ أَوَامِرِ الْمُلُوكِ، فَإِنَّهُمْ فِي مِثْلِ هَذَا يَتْرُكُونَ الْأَقَارِبَ وَيُخَاطِبُونَ الْأَجَانِبَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute