لِأَنَّ هَذَا الْآنَ مَدْفُوعٌ مِنْ إلْقَاءِ النَّارِ فِي السَّفِينَةِ، وَالْأَوَّلُ يَكُونُ مُلْقِيًا نَفْسَهُ فِي الْمَاءِ لَا مَدْفُوعَ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ مَدْفُوعًا قَبْلَ أَنْ يَتَّصِلَ بِهِ فِعْلُ الدَّافِعِ، وَهُنَاكَ مَا اتَّصَلَ بِهِ فِعْلُ الدَّافِعِ، وَهَا هُنَا قَدْ اتَّصَلَ بِهِ فِعْلُهُ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أُوقِدَتْ لَهُ نَارٌ وَقِيلَ لَهُ: لَنَضْرِبَنَّك بِالسِّيَاطِ حَتَّى نَقْتُلَك أَوْ تُلْقِيَ نَفْسَك فِي النَّارِ حَتَّى تَحْتَرِقَ لَمْ يَسَعْهُ إلْقَاءُ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانُوا ضَرَبُوهُ بِالسِّيَاطِ فَبَلَغَ مِنْ جَزَعِهِ وَاضْطِرَابِهِ أَنْ يَسْقُطَ فِي النَّارِ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ.
لِأَنَّهُ مَدْفُوعُ الضَّارِبِ هَا هُنَا، وَلِأَنَّ أَلَمَ السَّوْطِ قَدْ أَصَابَهُ، وَمَا أَصَابَهُ أَلَمُ النَّارِ بَعْدُ، فَهُوَ إنَّمَا يَفِرُّ مِنْ أَلَمٍ قَدْ أَصَابَهُ، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ فِي سَعَةٍ.
٢٩٦٨ - وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: " لَفِتْنَةُ السَّوْطِ أَشَدُّ مِنْ فِتْنَةِ السَّيْفِ، إنَّ الرَّجُلَ لَيُضْرَبُ بِالسَّوْطِ حَتَّى يَرْكَبَ الْخَشَبَةَ.
يَعْنِي إذَا أُرِيدَ صَلْبُهُ عَلَيْهَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute