فَأَمَّا إذَا آمَنُوا قَوْمًا ثُمَّ غَدَرُوا بِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَسَعُ الْقِتَالُ مَعَهُمْ لِأَهْلِ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّ الْوَفَاءَ بِالْأَمَانِ وَاجِبٌ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، يَكْتُبُ فِي كُلِّ عَهْدٍ وَفَاءً لَا غَدْرَ فِيهِ. وَإِذَا كَانَ الْمَنْعُ لِأَهْلِ الْعَدْلِ يَخْتَصُّ بِذَلِكَ الْمَحِلِّ حَتَّى يَجُوزَ أَنْ يُقَاتِلَ مَعَهُمْ قَوْمًا آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مِمَّنْ لَمْ يُؤْمِنُوهُمْ.
لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْقِتَالِ مَعْنَى الْغَدْرِ، بَلْ فِيهِ إظْهَارُ الْإِسْلَامِ.
٢٩٧٢ - وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْحَرْبِ لِأُسَرَاءَ فِيهِمْ قَاتِلُوا مَعَنَا عَدُوَّنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَهُمْ لَا يَخَافُونَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ إنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَلَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ مَعَهُمْ.
لِأَنَّ فِي هَذَا الْقِتَالِ إظْهَارَ الشِّرْكِ، وَالْمُقَاتِلُ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ فَلَا رُخْصَةَ فِي ذَلِكَ إلَّا عَلَى قَصْدِ إعْزَازِ الدِّينِ، أَوْ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ. فَإِذَا كَانُوا يَخَافُونَ أُولَئِكَ الْآخَرِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَاتِلُوهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ الْآنَ شَرَّ الْقَتْلِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ.
فَإِنَّهُمْ يَأْمَنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي أَيْدِيهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يَأْمَنُونَ الْآخَرِينَ إنْ وَقَعُوا فِي أَيْدِيهِمْ، فَحَلَّ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا دَفْعًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ.
٢٩٧٣ - وَإِنْ قَالُوا: قَاتِلُوا مَعَنَا عَدُوَّنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَإِلَّا قَتَلْنَاكُمْ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَاتِلُوا دَفْعًا لَهُمْ.
لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ الْآنَ أَشَرَّ الْقَتْلِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute