للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ قَالُوا لِلْأُسَرَاءِ: قَاتِلُوا مَعَنَا عَدُوَّنَا مِنْ أَهْلِ حَرْبٍ آخَرِينَ، عَلَى أَنْ نُخَلِّيَ سَبِيلَكُمْ إذَا انْقَضَتْ حَرْبُنَا لَوْ وَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّهُمْ صَادِقُونَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ.

لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ بِهَذَا الْأَسْرِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يَكُونُ هَذَا دُونَ مَا إذَا كَانُوا يَخَافُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ أُولَئِكَ الْمُشْرِكِينَ، فَكَمَا يَسَعُهُمْ الْإِقْدَامُ هُنَاكَ، فَكَذَلِكَ يَسَعُهُمْ هَا هُنَا.

فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَسَعُهُمْ هَذَا وَفِيهِ قُوَّةٌ لَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ؟ لِأَنَّهُمْ إذَا ظَفِرُوا بِعَدُوِّهِمْ فَآمَنُوا جَانِبَهُمْ أَقْبَلُوا عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَرُبَّمَا يَأْخُذُونَ مِنْهُمْ الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ فَيَتَقَوَّوْنَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

قُلْنَا: ذَلِكَ مَوْهُومٌ، وَمَا يَحْصُلُ لَهُمْ الْآنَ مِنْ النَّجَاةِ عَنْ أَسْرِ الْمُشْرِكِينَ بِهَذَا الْقِتَالِ مَعْلُومٌ، فَيَتَرَجَّحُ هَذَا الْجَانِبُ.

أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَوْ طَلَبُوا مِنْ إمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُفَادِيَهُمْ بِأَعْدَادِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَوْ بِالْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ جَازَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ لِتُخَلِّصَهُمْ بِهِ مِنْ الْأَسْرِ وَإِنْ كَانُوا يَتَقَوَّوْنَ، بِمَا يَأْخُذُونَ، عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

٢٩٧٨ - وَلَوْ قَالُوا أَعِينُونَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِقِتَالٍ أَوْ بِتَكْثِيرِ سَوَادٍ عَلَى أَنْ نُخَلِّيَ سَبِيلَكُمْ لَمْ يَحِلَّ لَهُمْ هَذَا.

لِأَنَّهُ لَا رُخْصَةَ لَهُمْ فِي قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ بِحَالٍ. وَلَا فِي إلْقَاءِ الرُّعْبِ فِي قُلُوبِهِمْ، مَا لَمْ تَتَحَقَّقْ الضَّرُورَةُ بِخَوْفِ الْهَلَاكِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هَا هُنَا.

٢٩٧٩ - وَلَوْ قَالُوا: قَاتِلُوا مَعَنَا عَدُوَّنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَلَى أَنْ نُخَلِّيَكُمْ فِي بِلَادِنَا وَلَا نَدَعَكُمْ تَرْجِعُونَ إلَى أَهْلَيْكُمْ، فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَهُمْ.

<<  <   >  >>