للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَعَ أَصْحَابِهِ حِينَ هَمُّوا بِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْكَنِيسَةِ إحْدَاثُ الْكَنَائِسِ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ.

وَقَدْ فَسَّرَ ذَلِكَ ابْنُ سِمَاعَةَ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حِينَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.

٣٠٠٣ - وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قَالَ: أَمْنَعُ أَهْلَ الذِّمَّةِ مِنْ إحْدَاثِ شَيْءٍ مِنْ الْكَنَائِسِ فِي الْبِلَادِ الْمَفْتُوحَةِ مِنْ خُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا، وَلَا أَهْدِمُ شَيْئًا مِمَّا وَجَدْته قَدِيمًا فِي أَيْدِيهِمْ، مَا لَمْ أَعْلَمُ أَنَّهُمْ أَحْدَثُوا ذَلِكَ بَعْدَ مَا صَارَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِصْرًا مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ.

لِأَنَّ تَغْيِيرَ مَا وُجِدَ قَدِيمًا لَا يَجُوزُ إلَّا بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لِذَلِكَ، وَتَمْكِينُهُمْ مِنْ إحْدَاثِ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ صَارَ مُعَدًّا لِإِقَامَةِ أَعْلَامِ الْإِسْلَامِ فِيهِ، كَتَمْكِينِ الْمُسْلِمِ مِنْ الثَّبَاتِ عَلَى الشِّرْكِ بَعْدَ الرِّدَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ.

٣٠٠٤ - فَإِنْ طَلَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ أَنْ يَصِيرُوا ذِمَّةً لِلْمُسْلِمِينَ، يُجْرَى عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ، عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا عَنْ رِقَابِهِمْ وَأَرَاضِيهمْ شَيْئًا مَعْلُومًا، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُجِيبَهُمْ إلَى ذَلِكَ.

لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ يَنْتَهِي بِهِ الْقِتَالُ كَالْإِسْلَامِ، فَكَمَا أَنَّهُمْ لَوْ طَلَبُوا عَرْضَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ يَجِبُ إجَابَتُهُمْ إلَى ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ إذَا طَلَبُوا عَقْدَ الذِّمَّةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُمْ يَلْتَزِمُونَ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ بِهَذَا الطَّرِيقِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ، ثُمَّ رُبَّمَا

<<  <   >  >>