للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَ قُرْبَ ذَلِكَ الْمِصْرِ الَّذِي اتَّخَذَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمَوَاتِ مِنْ الْأَرَاضِيِ قُرًى لِأَهْلِ الذَّمَّةِ فَعَظُمَ الْمِصْرُ حَتَّى جَاوَزَ تِلْكَ الْقُرَى، فَقَدْ صَارَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْمِصْرِ، لِإِحَاطَةِ الْمِصْرِ بِجَوَانِبِهَا، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِي تِلْكَ الْقُرَى كَنَائِسُ أَوْ بِيَعٌ أَوْ بُيُوتُ نِيرَانٍ تُرِكَتْ عَلَى حَالِهَا.

لِأَنَّهُمْ أَهْلُ صُلْحٍ، قَدْ اسْتَحَقُّوا بِهِ تَرْكَ التَّعَرُّضِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ، بِصَيْرُورَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِصْرًا.

أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّعَرُّضُ لَهُمْ فِي أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَمْلَاكِهِمْ وَإِزْعَاجِهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوا ذَلِكَ بِعَقْدِ الصُّلْحِ.

٣٠٠٩ - وَلَكِنْ إنْ أَرَادُوا إحْدَاثَ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ يَصِحُّ فِيهِ الْجُمَعُ وَالْأَعْيَادُ وَتُقَامُ فِيهِ الْحُدُودُ وَفِي تَمْكِينِهِمْ مِنْ إحْدَاثِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ إدْخَالُ الْوَهَنِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَوْ تَمْكِينُهُمْ مِنْ الْمُعَارَضَةِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ صُورَةً، وَهَذَا مُرَادُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، بِقَوْلِهِ: وَلَا كَنِيسَةَ.

يُوضِحُهُ أَنَّ مَا كَانَتْ لَهُمْ مِنْ الْكَنَائِسِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قَدْ تَأَكَّدَ حَقُّهُمْ فِيهَا بِالتَّقْرِيرِ، بَعْدَ مَا صَارَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ دَارَ الْإِسْلَامِ، فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِمَا أُحْدِثَ

<<  <   >  >>