للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كَنِيسَةٌ قَدِيمَةٌ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَمْنَعُهُمْ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَمْصَارِ الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا أَهْلَهَا قَبْلَ أَنْ يَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ هُنَاكَ تُتْرَكُ لَهُمْ الْكَنَائِسُ الْقَدِيمَةُ وَيُمْنَعُونَ مِنْ إحْدَاثِ الْكَنَائِسِ بَعْدَ مَا صَارَتْ مِصْرًا مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَا هُنَا يُمْنَعُونَ مِنْ إحْدَاثِ الْكَنَائِسِ، وَلَا يَتْرُكُ لَهُمْ الْكَنَائِسَ الْقَدِيمَةَ أَيْضًا، إذَا وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِمْ.

لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَسَّمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ لَمْ يَتْرُكْ فِيهَا شَيْئًا مِنْ الْكَنَائِسِ، فَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَهُمْ ذِمَّةً، وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ إظْهَارِ أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ فِي هَذَا الْمِصْرِ قَدْ تَقَرَّرَ حِينَ فُتِحَ عَنْوَةً وَيَثْبُتُ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ، فَبَعْدَ ذَلِكَ؛ الرَّأْيُ إلَى الْإِمَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ لَا فِي إبْطَالِ حَقِّهِمْ، وَفِي الْأَوَّلِ مَا تَقَرَّرَ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ فِي تِلْكَ الْأَرَاضِيِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا أَثْبَتَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بِالصُّلْحِ، فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا تَنَاوَلَهُ عَقْدُ الصُّلْحِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ هَا هُنَا يَضَعُ الْجِزْيَةَ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ وَالْخَرَاجُ عَلَى أَرَاضِيِهِمْ، وَهُنَاكَ لَا يُلْزِمُهُمْ مِنْ الْمَالِ عَنْ نُفُوسِهِمْ وَأَرَاضِيِهِمْ إلَّا مِقْدَارَ مَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ.

تَوْضِيحُهُ أَنَّ هُنَاكَ بِالصُّلْحِ تَقَرَّرَ حَقُّهُمْ الَّذِي كَانَ ثَابِتًا قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ بِنَاءً عَلَى حَقِّهِمْ الْمُتَقَرَّرِ، فَيَصِيرُ الْحَقُّ الثَّابِتُ فِيهَا لِلْمُسْلِمِينَ مَانِعًا لَهُمْ مِنْ إحْدَاثِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ، وَلَا يَصِيرُ مُوجِبًا لِلِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِمْ

<<  <   >  >>