فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَعُودُ الْحُكْمُ فِيهِ عَلَى مَا كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ، لَا يُمْنَعُونَ مِنْ إحْدَاثِ الْكَنَائِسِ فِيهِ، فَإِنْ بَنَوْا فِيهَا الْكَنَائِسَ ثُمَّ بَدَا لِلْمُسْلِمِينَ فَرَجَعُوا إلَى ذَلِكَ الْمِصْرِ لَمْ يَهْدِمُوا شَيْئًا مِمَّا أَحْدَثُوا مِنْ الْكَنَائِسِ قَبْلَ عَوْدِ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِمْ.
لِأَنَّهُمْ حِينَ بَنَوْا مَا كَانُوا مَمْنُوعِينَ مِنْهُ فَكَانَ هَذَا وَمَا بَنَوْهُ قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِصْرًا لَهُمْ سَوَاءً. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ أُخِذَ عَنْوَةً فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا كَمَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْكَنَائِسِ الْقَدِيمَةِ.
٣٠٥١ - فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ كَنِيسَةٌ قَدِيمَةٌ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فَأَرَادَ الْمُسْلِمُونَ مَنْعَهُمْ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا فَقَالُوا: نَحْنُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ صَالَحْنَا عَلَى بِلَادِنَا، وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: بَلْ أَخَذْنَا بِلَادَكُمْ عَنْوَةً ثُمَّ جُعِلْتُمْ ذِمَّةً، وَهُوَ أَمْرٌ قَدْ تَطَاوَلَ فَلَمْ يُدْرَ كَيْفَ كَانَ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ، هَلْ يَجِدُ فِيهِ أَثَرًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ؟ وَيَسْأَلُ أَصْحَابَ الْأَخْبَارِ كَيْفَ كَانَ أَصْلُ هَذِهِ الْأَرْضِ؟ فَإِنْ وَجَدَ فِيهِ أَثَرًا عَمِلَ بِهِ.
لِأَنَّ نَقْلَ الثِّقَاتِ الْأَخْبَارَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهَا. وَلِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِمَّنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الْوَقْتَ وَمَا جَرَى الرَّسْمُ بِالْإِشْهَادِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي مِثْلِ هَذَا، فَيُكْتَفَى فِيهِ بِمَا يُوجَدُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute