للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ شُهُودٌ، عَلَى شَهَادَةِ شُهُودٍ، أَنَّهُمْ صَالَحُوا وَشَهِدَ شُهُودٌ عَلَى أَنَّهُمْ أُخِذُوا عَنْوَةً فَإِنَّهُ يَعْمَل بِشَهَادَةِ الْفَرِيقِ الثَّانِي.

لِأَنَّ الشَّهَادَةَ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ فَيُرَجَّحُ بِالْإِثْبَاتِ، وَاَلَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّهُمْ صَالَحُوا يَبْقَوْنَ عَلَى مَا كَانَ وَلَا يُثْبِتُونَ شَيْئًا حَادِثًا، وَالْفَرِيقُ الثَّانِي يُثْبِتُونَ ذَلِكَ.

فَأَمَّا الْأَثَرُ فَلَيْسَ بِشَهَادَةٍ قَاطِعَةٍ، وَالْعَمَلُ بِهَا فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَفِي الْإِبْقَاءِ وَالْإِحْدَاثِ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ، فَلِتَحَقُّقِ الْمُعَارَضَةِ يُصَارُ إلَى التَّمَسُّكِ بِالْأَصْلِ.

وَأَشَارَ إلَى مَعْنًى آخَرَ فِي الْكِتَابِ، فَقَالَ:

٣٠٥٥ - لَمَّا جُعِلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُمْ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ كَانَ الْمُحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ هُمْ الْمُسْلِمُونَ دُونَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، بِمَنْزِلَةِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ مَعَ ذِي الْيَدِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ.

فَإِنْ قِيلَ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَرَجَّحَ بَيِّنَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ، لِمَا فِيهَا مِنْ تَقْرِيرِ حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَنَفْيِ سَبَبِ حَقِّ الِاسْتِرْقَاقِ بِمَنْزِلَةِ مَجْهُولِ الْحَالِ إذَا ثَبَتَ حُرِّيَّتُهُ بِالْبَيِّنَةِ فِي مُعَارَضَةِ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الرِّقِّ عَلَيْهِ.

قُلْنَا: هَذَا مَعْنًى لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ هَا هُنَا، فَاَلَّذِينَ أُخِذُوا عَنْوَةً إذَا مَنَّ الْإِمَامُ عَلَيْهِمْ كَانُوا أَحْرَارَ الْأَصْلِ بِمَنْزِلَةِ الَّذِينَ صَالَحُوا عَلَى أَرَاضِيِهِمْ وَرِقَابِهِمْ، فَبَيْنَ الْكُلِّ اتِّفَاقٌ عَلَى أَنَّهُمْ

<<  <   >  >>