الْحَرْبِ حَتَّى إذَا مَاتَ يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَفِي هَذَا بَيَانُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَالِغًا تَجُوزُ الْمُفَادَاةُ بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ.
وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ صَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا قَدْ اسْتَقَرَّ بِالْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ حِينَ تَعَيَّنَ الْمِلْكُ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الذِّمِّيِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَجُوزُ الْمُفَادَاةُ بِهِ، وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ جَوَّزْنَا الْمُفَادَاةَ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ مَوْجُودٌ بَعْدَهُمَا، وَهُوَ وُجُوبُ تَخْلِيصِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ بِالْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ يَتَعَيَّنُ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ فِيهِمْ، وَذَلِكَ عَلَامَةُ النُّقْصَانِ لَا الزِّيَادَةِ.
أَلَا تَرَى: أَنَّ مُفَادَاةَ أُسَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِالْمَالِ جَائِزٌ، فَتُعَيَّنُ صِفَةُ الْمَالِيَّةِ فِي هَؤُلَاءِ بِالْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ، وَلَا يَمْتَنِعُ جَوَازُ الْمُفَادَاةِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - افْتَدَى يَوْمَ الْمُرَيْسِيعِ سَبْيَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ بَعْدَ مَا جَرَتْ فِيهِمْ السُّهْمَانُ، فَأَمَّا مُفَادَاةُ الْأُسَرَاءِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا، رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى.
لِأَنَّ قَتْلَ الْمُشْرِكِينَ إلَى أَنْ يُسْلِمُوا بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ فَرْضٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] .
٣١٥٢ - وَفِي الْمُفَادَاةِ بِالْمَالِ تَرْكُ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ لِلطَّمَعِ فِي عَرَضِ الدُّنْيَا، وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute