فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَا فَدَاهُ بِهِ فَقَالَ الْعَبْدُ: فَدَانِي بِخَمْسِمِائَةٍ وَقِيمَتُهُ أَلْفٌ وَقَالَ الْمَأْمُورُ: فَدَيْته بِأَلْفَيْنِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ.
لِأَنَّ الْمَأْمُورَ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ زِيَادَةَ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَهُوَ مُنْكِرٌ لَهُ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ.
٣٢٧٧ - وَعَلَى الْمُدَّعِي لِلزِّيَادَةِ الْبَيِّنَةُ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَاذَا لَا يُصَارُ إلَى التَّحَالُفِ بَيْنَهُمَا، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ فِي الثَّمَنِ؟
قُلْنَا: أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ عَتَقَ، وَمَنْ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَا يُصَارُ إلَى التَّحَالُفِ بَعْدَ تَغَيُّرِ السِّلْعَةِ وَلَكِنَّهُ تُعْتَبَرُ فِيهِ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ، وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَلِأَنَّ الْمَصِيرَ إلَى التَّحَالُفِ بَعْدَ تَغَيُّرِ السِّلْعَةِ فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ فِيهِ فَسْخُ الْعَقْدِ عَلَى الْقِيمَةِ، وَهَا هُنَا لَا وَجْهَ لِذَلِكَ، لِأَنَّ بِالْعِتْقِ لَا يُسَلَّمُ لِلْعَبْدِ مَالٌ مِنْ جِهَةِ الْمَأْمُورِ حَتَّى يُقَالَ: تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ يَخْتَلِفَانِ فِي مِقْدَارِ الْأَجْرِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، وَهُنَاكَ لَا يُصَارُ إلَى التَّحَالُفِ، وَلَكِنْ يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ لِلزِّيَادَةِ مَعَ يَمِينِهِ.
٣٢٧٨ - وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الْمَأْمُورُ لِأَهْلِ الْحَرْبِ: إنِّي اشْتَرَيْته لِنَفْسِهِ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ إذَا اشْتَرَاهُ.
لِأَنَّ بَائِعَهُ مَا رَضِيَ بِعِتْقِهِ عَلَيْهِ وَثُبُوتُ وِلَايَتِهِ لَهُ.
٣٢٧٩ - فَإِذَا أَخْرَجَهُ كَانَ لِلْمَأْمُورِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ إنْ شَاءَ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute