٣٢٨٧ - فَإِنْ قَالَا جَمِيعًا لِلَّذِي فَدَاهُمَا حِينَ أَخْرَجَهُمَا مَا فَدَيْتنَا بِشَيْءٍ وَلَكِنَّهُمْ وَهَبُونَا أَوْ أُخْرِجْنَا بِغَيْرِ عِلْمِهِمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا مَعَ يَمِينِهِمَا عَلَى عِلْمِهِمَا.
لِأَنَّ الْمَأْمُورَ يَدَّعِي عَلَيْهِمَا دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِمَا لِنَفْسِهِ، بِسَبَبٍ هُمَا يُنْكِرَانِ ذَلِكَ السَّبَبَ، وَالْيَمِينُ عَلَى الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُمَا يُسْتَحْلَفَانِ عَلَى فِعْلِ الْمَأْمُورِ فَأَيُّهُمَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ كَإِقْرَارِهِ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ لَا فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، فَإِنْ حَلَفَ الْحُرُّ وَنَكَلَ الْمُكَاتَبُ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ فَدَاهُ فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَلْزَمُ الْمُكَاتَبَ حِصَّتُهُ مِنْ الْفِدَاءِ، فَإِنْ كَانَ مِقْدَارَ قِيمَتِهِ يُؤْخَذُ بِهِ فِي مُكَاتَبَتِهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْفَضْلِ بَعْدَ الْعِتْقِ. وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُقْضَى عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، فَيَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ فِي حَالِ كِتَابَتِهِ إنْ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ فِي ذَلِكَ أَوْ كَذَّبَهُ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى صَدَّقَ الْفَادِيَ بِيعَ لَهُ الْمُكَاتَبُ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ مَوْلَاهُ.
لِأَنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ ظَهَرَ وُجُوبُهُ فِي حَقِّ مَوْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ بَطَلَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَجْزِ إنْ كَانَ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَدَّى بَعْضَهُ جَازَ مَا أَدَّى وَبَطَلَ مَا بَقِيَ حَتَّى لَا يَأْخُذَ دَيْنًا كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِسَبَبٍ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ فِي شَيْءٍ فَلَا يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعَجْزِ مَا لَمْ يُعْتَقْ، فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ عَلَى نَفْسِهِ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، ثُمَّ عَجَزَ قَبْلَ الْأَدَاءِ، أَوْ كَانَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ فَصَالَحَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ عَجَزَ قَبْلَ الْأَدَاءِ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ حَتَّى يَعْتِقُ فِي قَوْلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute