٣٣٦٠ - فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا خَرَاجٌ فَذَلِكَ فِي خَرَاجِ غَيْرِهَا مِنْ أَرْضِ الْإِسْلَامِ.
لِأَنَّهُ إذَا قَاتَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ يُقَاتِلُ عَنْهَا كُلِّهَا، لِأَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ يَقْصِدُونَ الِاسْتِيلَاءَ عَلَى جَمِيعِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ لَوْ قَدَرُوا عَلَى ذَلِكَ، فَاَلَّذِينَ يُقَاتِلُونَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَدْفَعُونَهُمْ عَنْ جَمِيعِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ. ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ رِضَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُفَادَاةِ بِقِصَّةِ سَبْيِ هَوَازِنَ، فَقَدْ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، يَوْمَئِذٍ سِتَّةَ آلَافٍ مِنْ سَبْيِ هَوَازِنَ حِينَ أَسْلَمُوا، وَالْقِصَّةُ فِي ذَلِكَ «أَنَّ وَفْدَهُمْ الَّذِينَ جَاءُوا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فِي هَذِهِ الْحَظَائِرِ بَعْضُ عَمَّاتِك وَخَالَاتِك، وَلَوْ كُنَّا مَنَحْنَا لِلنُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مُلُوكِ الْعَرَبِ لَكَانَ يُرَاعِي ذَلِكَ لَنَا، وَأَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ وَأَوْصَلُهُمْ» ، وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِيهِمْ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ رَقَّ لَهُمْ وَقَالَ: «وَإِذَا صَلَّيْنَا الظُّهْرَ فَقُومُوا وَأَعِيدُوا مَقَالَتَكُمْ هَذِهِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: قَدْ كُنْت مُنْتَظِرًا لَكُمْ فَأَبْطَأْتُمْ الْمَجِيءَ حَتَّى جَرَى فِي السَّبْيِ سِهَامُ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا مَا كَانَتْ لِي وَلِقُرَيْشٍ فَقَدْ سَلَّمْتُ لَكُمْ، فَلَمَّا سَمِعَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ قَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ: وَقَدْ سَلَّمْنَا مَا كَانَ لَنَا أَيْضًا. فَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو فَزَارَةَ فَلَا. وَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: أَمَّا أَنَا وَبَنُو تَمِيمٍ فَلَا فَلَمَّا اخْتَلَفُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ قَدْ جَاءُوا مُسْلِمِينَ فَرُدُّوا عَلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، وَمَنْ أَبَى ذَلِكَ فَلَهُ عَلَيْنَا مَكَانَ كُلِّ رَأْسٍ سِتَّةُ قَلَائِصَ نُعْطِيهِ مِنْ أَوَّلِ غَنِيمَةٍ نُصِيبُهَا» .
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ رِضَاءَهُمْ وَمَنْ أَبَى الْتَزَمَ لَهُ عِوَضًا حَتَّى رَدَّهُمْ عَلَى قَوْمِهِمْ، فَصَارَ هَذَا أَصْلًا فِي الْحُكْمِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي الْبَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute