للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ غَيْرُ الْمُصَابِ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ، وَلَكِنْ بَذَلُوهُ عَلَى سَبِيلِ الرِّضَاءِ فَأَخَذَهُ إمَامُ الْمُسْلِمِينَ لِإِعْزَازِ الدِّينِ وَذُلِّ الْمُشْرِكِينَ، فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ لَا يَجِبُ فِيهِ الْخُمُسُ.

٣٣٩٧ - وَاَلَّذِينَ نَقَضُوا الْعَهْدَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا وَادَعُوا الْمُسْلِمِينَ بِمَالٍ يُعْطُونَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ ذَلِكَ الْمَالِ مِنْهُمْ. لِأَنَّهُمْ بِنَقْضِ الْعَهْدِ صَارُوا كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ.

٣٣٩٨ - بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّينَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ أَخْذُ الْجُعَلِ مِنْهُمْ عَلَى الْمُوَادَعَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا. وَهَذَا لِأَنَّ قَتْلَ الْمُرْتَدِّ مُسْتَحَقٌّ حَدًّا فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِمَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ بِخِلَافِ قَتْلِ الَّذِينَ نَقَضُوا الْعَهْدَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ. (أَلَا تَرَى) أَنَّ هَؤُلَاءِ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا ذِمَّةً يُؤَدُّونَ الْخَرَاجَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ جَازَ إجَابَتُهُمْ إلَى ذَلِكَ، وَأَخْذُ الْخَرَاجِ مِنْهُمْ، وَلَا يَجُوزُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُرْتَدِّينَ، فَكَذَلِكَ أَخْذُ الْمَالِ بِطَرِيقِ الْمُوَادَعَةِ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ.

٣٣٩٩ - وَإِنْ صَالِحَ الْإِمَامُ الْمُرْتَدِّينَ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُ مِنْ رِجَالِهِمْ كُلَّ سَنَةٍ مِائَةَ رَأْسٍ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ. لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمُوَادَعَةِ أَخْذُ مَالٍ مِنْهُمْ، فَإِنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُسْتَرَقُّ بِحَالٍ، وَلَكِنْ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا قُتِلَ، فَهَذَا إظْهَارُ دَلِيلٍ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى إقَامَةِ حُكْمِ الشَّرْعِ فِيهِمْ وَذَلِكَ مُسْتَقِيمٌ.

<<  <   >  >>