للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ الْمُوَادَعَةَ كَانَتْ عَلَى الِانْصِرَافِ عَنْهُمْ مُطْلَقًا، وَانْصِرَافُهُمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يَكُونُ بِوُصُولِهِمْ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَمَأْمَنِهِمْ عَادَةً، وَفِي الْعَادَةِ إنَّمَا يَنْصَرِفُونَ إلَى مَأْمَنِهِمْ وَالْمُطْلَقُ مِنْ الْكَلَامِ يَتَقَيَّدُ بِدَلَالَةِ الْعُرْفِ.

٣٤١٥ - وَإِنْ قَالُوا نُعْطِيكُمْ كَذَا عَلَى أَلَّا تُقَاتِلُونَا حَتَّى تَنْصَرِفُوا عَنَّا فَهَذَا وَذِكْرُ الْمُصَالَحَةِ وَالْمُوَادَعَةِ سَوَاءٌ. لِأَنَّ الْمُقَاتَلَةَ تَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَفِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ اشْتِرَاطُ تَرْكِ الْقِتَالِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَذَلِكَ يُوجِبُ الْمُوَادَعَةَ، وَالتَّصْرِيحُ بِمُوجَبِ الْعَقْدِ كَالتَّصْرِيحِ بِلَفْظِ الْعَقْدِ.

٣٤١٦ - وَإِنْ قَالُوا نُعْطِيكُمْ كَذَا عَلَى أَلَّا تَقْتُلُوا مِنَّا أَحَدًا حَتَّى تَنْصَرِفُوا فَلَا بَأْسَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُغِيرُوا عَلَيْهِمْ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالُوا عَلَى أَنْ تَكُفُّوا عَنَّا شَهْرًا.

لِأَنَّ فِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ، الْمُسْلِمِينَ مَا شَرَطُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لِأَهْلِ الْحَرْبِ أَمَانًا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً.

٣٤١٧ - وَلَوْ قَالُوا نُصَالِحُكُمْ، أَوْ نُوَادِعُكُمْ عَلَى أَنْ نُعْطِيَكُمْ كَذَا عَلَى أَنْ تَكُفُّوا عَنَّا شَهْرًا فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى يَنْبِذُوا إلَيْهِمْ، أَوْ يَمْضِيَ الْوَقْتُ. لِأَنَّهُمْ شَرَطُوا لَهُمْ الْأَمَانَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِي الْمُدَّةِ بِذِكْرِ لَفْظِ الْمُصَالَحَةِ وَالْمُوَادَعَةِ وَلَكِنَّ الْمُوَادَعَةَ تَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ؛ لِأَنَّ مُوجِبَهَا حُرْمَةُ الْقِتَالِ، وَالْحُرُمَاتُ تَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ فَمَا لَمْ يَمْضِ الشَّهْرُ لَا يَنْتَهِي الْأَمَانُ.

<<  <   >  >>