للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِلْأَمِيرِ عَلَى جُنْدِهِ فِيمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ، وَلَا فِيمَا كَانَ وَجْهُ الْخَطَأِ فِيهِ بَيِّنًا. فَأَمَّا فِيمَا سِوَى (٤٨ ب) ذَلِكَ فَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ لِئَلَّا يَفْشَلُوا وَلَا يَتَنَازَعُوا كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} [الأنفال: ٤٦] .

- قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَى الْجُنْدِ الْعَاقِلَ الْفَاضِلَ، الْعَالِمَ بِالْحَرْبِ، الرَّفِيقَ. قَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ. نَقُولُ: مَنْ يَكُونُ هَكَذَا فَهُوَ مَوْضِعٌ لِلْإِمَارَةِ، عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ مَوْلًى أَوْ غَيْرَهُمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَلَوْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعٌ مَا أَقَامَ فِيكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» .

وَفِيهِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عَلَيْكُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِكُلِّ مَنْ يُؤَمَّرُ عَلَيْكُمْ مَا لَمْ يَأْمُرْكُمْ بِالْمُنْكَرِ، فَفِي الْمُنْكَرِ لَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ» .

- قَالَ: وَإِذَا نَادَى الْأَمِيرُ أَنْ يَكُونَ فُلَانٌ وَجُنْدُهُ فِي الْمَيْمَنَةِ، وَفُلَانٌ وَجُنْدُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ، وَفُلَانٌ وَجُنْدُهُ فِي الْمَيْسَرَةِ، وَفُلَانٌ وَجُنْدُهُ فِي السَّاقَةِ، فَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدِ أَنْ يَتْرُكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي أَمَرَهُ بِالْكَوْنِ فِيهِ. لِأَنَّ هَذَا مِنْ التَّدْبِيرِ الْحَسَنِ فِي أَمْرِ الْحَرْبِ، فَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ بِالطَّاعَةِ.

١٧٣ - فَإِنْ عَصَاهُ عَاصٍ فَلْيَتَقَدَّمْ إلَيْهِ الْأَمِيرُ

<<  <   >  >>