وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ دِيوَانُهُ مَعَ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَهُوَ مَعَ أَهْلِ دِيوَانِهِ وَلَيْسَ مَعَ أَهْلِ بَلَدِهِ. لِأَنَّ أَمْرَهُ رَاجِعٌ إلَى الْجِهَادِ، وَفِي الْجِهَادِ إنَّمَا يَجْمَعُهُمْ الدِّيوَانُ لَا الْبَلْدَةُ وَلِأَنَّ مُرَادَهُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ أَنْ يَنْضَمَّ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فِي التَّنَاصُرِ، وَتَنَاصَرُ أَهْلُ الدِّيوَانِ بِالدِّيوَانِ (٤٩ آ) وَلِهَذَا يَتَعَاقَلُونَ بِهِ.
١٧٦ - وَلَوْ نَادَى الْمُنَادِي: السَّاقَةُ غَدًا عَلَى أَصْحَابِ الْخَيْلِ، فَهُوَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا. وَيَنْبَغِي لِأَصْحَابِ الْبَرَاذِينِ أَنْ يَكُونُوا مَعَ أَصْحَابِ الْعِرَابِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّهَا مِنْ الْخَيْلِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ} [النحل: ٨] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: ٦٠] .
وَلَمَّا سُئِلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ صَدَقَةِ الْبَرَاذِينِ قَالَ: أَوَ فِي الْخَيْلِ صَدَقَةٌ؟ فَأَصْحَابُ الْبَرَاذِينِ فِي ذَلِكَ مَعَ أَصْحَابِ الْعِرَابِ.
إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعْرُوفُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ إذَا نَادَوْا بِذَلِكَ يُرِيدُونَ أَصْحَابَ الْعِرَابِ خَاصَّةً، لِأَنَّهَا أَسْرَعُ فِي الطَّلَبِ وَالْحَرْبِ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْأَمْرُ عَلَى مَا أَرَادَ، لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْعُرْفِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ.
١٧٧ - وَإِنْ قَالَ: الْمَيْمَنَةُ غَدًا عَلَى أَهْلِ الْمِصِّيصَةِ، فَكَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلُ الْكُوفَةِ سَكَنَ الْمِصِّيصَةَ فَإِنْ كَانَ اتَّخَذَهَا مَنْزِلًا، فَهُوَ مِنْ الْمِصِّيصَةِ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ تَأَهَّلَ بِبَلْدَةٍ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute