فَإِنْ أَرَادَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُوَادِعُوهُمْ عَلَى أَلَّا يَرُدُّوا عَلَيْهِمْ مَنْ خَرَجَ مُسْلِمًا، كَتَبَ الْكَاتِبُ ذَلِكَ ذِكْرِ الْكَفِّ عَنْ الْقِتَالِ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَةِ فُلَانٍ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مِنْ رَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ مُسْلِمًا، أَوْ مُعَاهِدًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَلَا عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ رَدُّهُ عَلَى فُلَانٍ.
وَهَذَا حُكْمٌ ثَابِتٌ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَلَكِنَّ الْقَوْمَ يُنْكِرُونَ هَذَا الْحُكْمَ، فَبِدُونِ هَذَا الشَّرْطِ يَعُدُّونَهُ غَدْرًا بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ الْكِتَابَ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْخَصْمَيْنِ، وَلَا يَطْعَنُ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ الطَّاعِنِينَ.
وَبَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الشَّرْطِ إنْ خَرَجَتْ امْرَأَةٌ ذَاتُ زَوْجٍ فَأَرَادَ زَوْجُهَا رَدَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَهَذَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ، لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] .
إلَّا أَنَّ الرَّدَّ كَانَ مَشْرُوطًا فِي الصُّلْحِ، الَّذِي جَرَى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَلَمَّا انْتَسَخَ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِنُزُولِ الْآيَةِ، أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِرَدِّ مَا أَعْطَاهَا الزَّوْجُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: ١٠] لِلْوَفَاءِ بِذَلِكَ الشَّرْطِ، فَأَمَّا الْمَشْرُوطُ الْآنَ لَا يُرَدُّ فَلَا يَجِبُ أَيْضًا رَدُّ شَيْءٍ مِمَّا آتَاهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا مَشْرُوطًا أَيْضًا لَا يَجِبُ رَدُّ شَيْءٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute