لِأَنَّهُ لَا رُخْصَةَ فِي غَدْرِ الْأَمَانِ وَمَا يَفْعَلُونَهُ بِرُسُلِنَا بَعْدَ الشَّرْطِ غَدْرٌ مِنْهُمْ، وَبِغَدْرِهِمْ لَا يُبَاحُ لَنَا أَنْ نَغْدِرَ بِهِمْ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَتَلُوا رَهْنَنَا، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَنَا أَنْ نَقْتُلَ رَهْنَهُمْ، وَقَدْ قَرَّرَنَا هَذَا.
٣٥٧٢ - فَإِنْ حَاصَرَ الْمُسْلِمُونَ أَهْلَ حِصْنٍ، فَطَلَبُوا الْأَمَانَ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ الثُّلُثُ مِمَّا فِي الْحِصْنِ، وَلَهُمْ الثُّلُثَانِ سِوَى بَنِي آدَمَ فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْأَمَانِ عَلَى بَدَلٍ مُسَمًّى مَعْلُومٍ جَائِزٌ، فَكَذَلِكَ عَلَى جُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ مَالٍ مَعْلُومٍ، بِبَيَانِ مَحَلِّهِ، وَهُوَ مَا فِي الْحِصْنِ وَمَا يُحْرَزُ
٣٥٧٣ -، فَإِذَا فَتَحُوا الْحِصْنَ عَلَى ذَلِكَ صَارَ الثُّلُثُ مِمَّا فِيهِ مُشَاعًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُقَسِّمَ مَا فِي الْحِصْنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهُمْ، فَيُجَزِّئُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ.
وَالْحَاصِلُ فِيهِ أَنَّ الْقِسْمَةَ تُبْتَنَى عَلَى التَّسْوِيَةِ، قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «خَيْرُ أُمَرَاءِ السَّرَايَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، أَقْسَمُهُ بِالسَّوِيَّةِ وَأَعْدَلُهُ فِي الرَّعِيَّةِ» . فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْمُعَادَلَةُ فِي الْمَنْفَعَةِ وَالْمَالِيَّةِ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ بِقِسْمَةِ الْعَيْنِ فَهُوَ الْأَصْلُ فِيهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ شَيْئًا لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ، إمَّا لِقِلَّتِهِ أَوْ لِاخْتِلَافِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَوَّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ، ثُمَّ يَقُولَ الْإِمَامُ لِأَهْلِ الْحِصْنِ: إنْ شِئْتُمْ فَخُذُوهُ وَأَعْطَوْنَا ثُلُثَ قِيمَتِهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، وَإِنْ شِئْتُمْ أَخَذْنَا ذَلِكَ وَأَعْطَيْنَاكُمْ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute