٣٦٣٧ - قَالَ: الشَّيْخُ وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْآثَارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ، وَمِثْلُهُ لَا يُوجَدُ فِي زَمَانِنَا.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: اخْتَرْ إحْدَاهُمَا أَوْ اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا بِتَجْدِيدِ الْعَقْدِ عَلَيْهِنَّ، لَا لِلْإِمْسَاكِ لِحُكْمِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعَقْدِ وَأَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، قَائِلٌ بِهَذَا.
ثُمَّ ذَكَرَ إسْلَامَ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَالْحَاصِلُ فِيهِ أَنَّهُ إنْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَالْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ جَائِزٌ، فَالْبَقَاءُ أَجْوَزُ
٣٦٣٨ - فَإِنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي أَسْلَمَتْ، فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى انْقِضَاءِ ثَلَاثِ حِيَضٍ؛ لِأَنَّ بَعْدَ صِحَّةِ النِّكَاحِ لَا بُدَّ مِنْ تَقْرِيرِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْفُرْقَةِ، وَإِسْلَامُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ، فَهُوَ سَبَبٌ لِتَقْرِيرِ الْمِلْكِ، وَكُفْرُ مَنْ أَصَرَّ مِنْهُمَا كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ هَذَا أَوَّلًا، وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْفُرْقَةِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا، فَقُلْنَا: بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ وُقُوعُ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ، لِأَنَّ لِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ تَأْثِيرًا فِي الْفُرْقَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، وَلَوْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَكَانَ يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى الْمُصِرِّ مِنْهُمَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute