للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِوُجُودِ دَلَالَةِ الْإِذْنِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ جَرَّهُمْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إلَى الْعَلَفِ، وَأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ اسْتِصْحَابُ الْعَلَفِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يَجِدُونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَنْ يَشْتَرُونَهُ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُمْ فِيمَا فِيهِ كَبْتٌ وَغَيْظٌ لِلْعَدُوِّ. وَفِي أَخْذِ الْعُلُوفَةِ مِنْهُمْ تَحْقِيقُ هَذَا الْمَعْنَى، إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِمَنَعَةٍ. فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجُوا إذَا كَانُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ. وَلَا يَتَفَرَّقُونَ إلَّا بِحَيْثُ يُغِيثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. لِأَنَّهُمْ إذَا تَفَرَّقُوا وَبَعُدَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِهِ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ (٥٠ آ) كَانَ مُعَرِّضًا نَفْسَهُ لِأَجْلِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَيَقْتُلُوهُ.

١٨٧ - كَمَا لَا يَحِلُّ لِلْوَاحِدِ وَالْمُثَنَّى أَنْ يَخْرُجَ ابْتِدَاءً خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْقُرْبِ مِنْ الْعَسْكَرِ عَلَى وَجْهٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَسْتَغِيثَ بِهِمْ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ. فَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَتَفَرَّقُوا إلَّا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ.

١٨٨ - وَإِنْ نَادَى مُنَادِي الْأَمِيرِ بِالنَّهْيِ عَنْ الْخُرُوجِ لِلْعَلَّافَةِ، فَلَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ مَنَعَةٍ وَلَا لِغَيْرِهِمْ أَنْ يَخْرُجُوا؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْإِذْنِ تَنْعَدِمُ بِصَرِيحِ النَّهْيِ، وَرُبَّمَا يَكُونُ النَّظَرُ فِي هَذَا النَّهْيِ، إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ لِذَلِكَ قَوْمًا.

<<  <   >  >>