حَالٍ. قُلْنَا: لَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ إنَّمَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَقِدُ ذَلِكَ، لَا فِي حَقِّ مَنْ لَا يَعْتَقِدُهُ، وَكَمَا أَنَّ مَعْنَى الْمُحَارَبَةِ مُبِيحٌ فَنَفْسُ الْكُفْرِ مُهْدِرٌ، بِدَلِيلِ أَنَّ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَا يَضْمَنُ قَاتِلُهُمْ شَيْئًا مِنْ كَفَّارَةٍ، وَلَا دِيَةٍ لِوُجُودِ الْمُهْدِرِ
٣٧٢٠ - ثُمَّ الذِّمِّيُّ إذَا قَتَلَ ذِمِّيًّا يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ كَوْنَ كُفْرِهِ مُهْدِرًا، فَلَمْ يُورِثْ ذَلِكَ شُبْهَةً فِي حَقِّهِ، فَكَذَلِكَ مَعْنَى الْمُحَارَبَةِ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْتَأْمَنِينَ لَا يُورِثُ شُبْهَةً، وَلَكِنْ لِتَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا فِي صِفَةِ الْحَقْنِ يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى بَعْضِهِمْ بِقَتْلِ الْبَعْضِ، سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَهْلِ دَارٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مِنْ أَهْلِ دَارَيْنِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقِصَاصِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ عَلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ نُصْرَتَهُمْ مَا دَامُوا فِي دَارِنَا، وَفِي هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ دَارٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مِنْ أَهْلِ دَارَيْنِ
٣٧٢١ - وَلَوْ كَانُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ دَخَلُوا إلَيْنَا بِأَمَانٍ لِيَجْتَازُوا إلَى أَرْضٍ أُخْرَى فَيُقَاتِلُوا أَهْلَهَا، ثُمَّ أَغَارَ عَلَيْهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَهْلُ حَرْبٍ آخَرِينَ فَأَسَرُوهُمْ فَلَيْسَ عَلَيْنَا نُصْرَتُهُمْ، وَإِنْ قَدَرْنَا عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ صَارُوا مِنَّا دَارًا، وَقَدْ الْتَزَمُوا حُكْمَ الْإِسْلَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ
٣٧٢٢ - فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ نُصْرَتُهُمْ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ نُصْرَةُ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا الْمُسْتَأْمَنُونَ فَهُمْ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ، إلَّا أَنَّهُمْ لِلْحَالِ فِي دَارِنَا بِأَمَانٍ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْنَا نُصْرَتُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute