لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ شَيْءٌ، لِلْفِقْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَى هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ اسْتَهْلَكَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، فَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْمُشْتَرَى لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ ثَمَنًا، وَلَمْ يَكُنْ أَخْذُهُ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ وَالْخِيَانَةِ، فَلِهَذَا كَانَ الْمَقْبُوضُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ، وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُعْطِهِ مَا شَرَطَ لَهُ حَتَّى أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ، فَإِنَّ الْمُشْتَرَى يُسَلِّمُ لِلْقَابِضِ مِنْهُمَا، وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ شَيْءٍ مِنْ عَيْنِهِ وَلَا قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ بَيْعًا بَيْنَهُمَا، فَالْبَيْعُ يَسْتَدْعِي الْمَالِيَّةَ فِي الْبَدَلَيْنِ، وَالْمَيْتَةُ لَيْسَ فِيهَا شُبْهَةُ الْمَالِيَّةِ، وَإِنَّمَا مَلَّكَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ مَالًا بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَكَانَ هَذَا وَالْمَوْهُوبُ سَوَاءً فِي الْحُكْمِ
٣٧٩٥ - وَلَوْ كَانَتْ الْمُبَايَعَةُ بَيْنَ مُسْلِمٍ مُسْتَأْمَنٍ فِيهِمْ وَبَيْنَ رَجُلٍ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْقُضُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ، وَيَكُونُ حَالُهُمَا فِي ذَلِكَ كَحَالِ الْمُسْتَأْمَنِينَ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِيمَا يَجِبُ فِيهِ ضَمَانُ الْقِيمَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَالُهُمَا كَحَالِ مَا لَوْ جَرَتْ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ، بِمَنْزِلَةِ عَقْدِ الرِّبَا إذَا جَرَى بَيْنَ هَذَيْنِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا جَرَى بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute