للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَنَّهُ لَا يُخَمِّسُ هَذَا الرُّبْعَ، فَكَأَنَّهُ بَنَى ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمِائَةَ الْعُصَاةَ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَلَصِّصِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إذْن الْإِمَامِ، فَلَا يُخَمِّسُ مَا أَصَابُوا، وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا لَا يُخَمَّسُ مُصَابُ الْمُتَلَصِّصِينَ إذَا لَمْ يَكُونُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ. وَهَؤُلَاءِ كَانُوا أَهْلَ مَنَعَةٍ بِالِانْضِمَامِ إلَى الثَّلَاثِ مِائَةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُخَمِّسَ مَا أَصَابُوا.

٢٠٢ - وَإِنْ كَانَتْ الثَّلَاثُ مِائَةٍ لَيْسُوا قَوْمًا بِأَعْيَانِهِمْ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَنْظُرُ إلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْغَنِيمَةِ فَيُخْرِجُ مِنْهَا الْخُمْسَ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى رُبْعِ مَا بَقِيَ فَيُقَسِّمُ بَيْنَ الْأَرْبَعِ مِائَةٍ بِالسَّوِيَّةِ نَفْلًا لَهُمْ. لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّنْفِيلِ يَثْبُتُ لِثَلَاثِ مِائَةٍ مِنْهُمْ، وَلَيْسَ بَعْضُهُمْ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ. فَلَا بُدَّ مِنْ قِسْمَةِ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، لِاسْتِوَائِهِمْ فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ، ثُمَّ يُخْرِجُ الْخُمْسَ مِنْ الرُّبْعِ الْبَاقِي وَيَجْمَعُ مَا بَقِيَ مِنْهُ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ فَيُقَسِّمُهَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ جَمِيعِ الْعَسْكَرِ عَلَى سِهَامِ الْخَيْلِ وَالرَّجَّالَةِ، كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ.

٢٠٣ - فَإِنْ كَانَتْ الْمِائَةُ الْعُصَاةُ بِأَعْيَانِهِمْ فَرَأَى الْأَمِيرُ أَنْ يَحْرِمَهُمْ سَهْمَهُمْ مِمَّا أَصَابُوا، فَقَسَّمَ مَا بَقِيَ بَيْنَ الثَّلَاثِ مِائَةٍ وَأَهْلِ الْعَسْكَرِ وَحَرَمَ الْعُصَاةَ، ثُمَّ وَلِيَ آخَرُ يَرَى مَا صَنَعَ الْأَوَّلُ جَوْرًا أَمْضَى صَنِيعَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْضَى بِاجْتِهَادِهِ فِعْلًا مُخْتَلَفًا فِيهِ، فَإِنَّ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ يُحْرَمُ الْعُصَاةُ حَظَّهُمْ مِمَّا أَصَابُوا لِيَكُونَ زَجْرًا وَفِطَامًا لَهُمْ عَنْ الْعَوْدِ إلَى مِثْلِهِ، وَرَدُّوا ذَلِكَ إلَى حِرْمَانِ الْقَاتِلِ الْمِيرَاثَ بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ. وَبَيَانُ هَذَا يَأْتِي فِي بَابِ إحْرَاقِ

<<  <   >  >>