وَإِنْ اُسْتُتِيبَ الْمُرْتَدُّ فَتَابَ، ثُمَّ ارْتَدَّ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ أَبَدًا، وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ عَلِيٌّ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - يَقُولَانِ: يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا، فَإِنْ عَادَ يُقْتَلُ، لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} [النساء: ١٣٧] الْآيَةَ، وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُسْتَهْزِئٌ غَيْرُ تَائِبٍ، وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] .
ثُمَّ تَوْبَتُهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ تُعْرَفُ بِمَا يُعْرَفُ بِهِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى ضَمِيرِهِ، وَإِنَّمَا يُعَبِّرُ عَمَّا فِي قَلْبِهِ لِسَانُهُ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيمَا اسْتَدَلُّوا بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: ١٣٧] . وَإِذَا تَابَ فَقَدْ ازْدَادَ إيمَانًا لَا كُفْرًا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقْتَلُ غِيلَةً وَلَا يُسْتَتَابُ إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُسْتَهْزِئٌ، وَبِنَاءُ الْحُكْمِ عَلَى الظَّاهِرِ جَائِزٌ فِيمَا لَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ.
٣٨٨٤ - قَالَ: وَامْرَأَةُ الْمُرْتَدِّ تَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، سَوَاءٌ قُتِلَ بَعْدَ الرِّدَّةِ أَوْ لَمْ يُقْتَلْ، إلَّا عَلَى قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute