للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَلَا تَرَى) أَنَّهُ بَعْدَ اللَّحَاقِ لَوْ بَاعَ دَارِهِ الَّتِي بِهَا يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ أَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِهَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، فَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَارَ حَرْبِيًّا وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمِلْكِ.

فَإِنْ طَلَبَ وَرَثَتُهُ أَنْ يَأْخُذُوا بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي لَهُمْ بِمِيرَاثِهِ، وَيَقْضِي لَهُمْ بِالشُّفْعَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ عِنْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُمْ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ لَحَاقِ الْمُرْتَدِّ بِدَارِ الْحَرْبِ، فَظَهَرَ أَنَّ بَيْعَ الدَّارِ كَانَ بَعْدَمَا وَجَبَ الْحَقُّ لَهُمْ، فَكَانَ لَهُمْ الشُّفْعَةُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، فِيمَنْ اشْتَرَى دَارًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ، ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ دَارِهِ، ثُمَّ أَسْقَطَ خِيَارَهُ وَعَلِمَ بِالْبَيْعِ فَطَلَبَ الشُّفْعَةَ، كَانَ لَهُ ذَلِكَ.

فَإِنْ قِيلَ: هُنَاكَ الْمُشْتَرِي كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُشْتَرَى، وَهَا هُنَا الْوَرَثَةُ مَا كَانُوا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ، قُلْنَا: نَعَمْ، وَلَكِنَّ اسْتِحْقَاقَ الشُّفْعَةِ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ لَا بِاعْتِبَارِ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَفِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمِلْكُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا لِمَنْ يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَلَكِنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ كَانَ تَامًّا، وَحَقُّ الْغَيْرِ كَانَ مُنْقَطِعًا، ثُمَّ هُنَاكَ اسْتِحْقَاقُ الشُّفْعَةِ بِهَا إذَا تَمَّ الْمِلْكُ لَهُ فِيهَا، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ، وَلَهُ وَرَثَةٌ أَحْرَارٌ، ثُمَّ بِيعَتْ دَارٌ إلَى جَنْبِ دَارِهِ، فَلَمْ يَعْلَمُوا بِالْبَيْعِ حَتَّى أُدِّيَتْ الْمُكَاتَبَةُ، ثُمَّ عَلِمُوا بِهِ كَانَ لَهُمْ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُتَمَكِّنِينَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ عِنْدَ الْبَيْعِ.

٣٩٧٤ - وَإِذَا بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِ دَارِ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ فِي دَارِنَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ.

<<  <   >  >>