للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣٩٧٩ - وَإِنْ كَانَ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَخَذَ مَالًا مِنْ مَالِهِ وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْحَرْبِ، ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ، رَدَدْنَاهُ إلَى الْوَرَثَةِ كَمَا يُرَدُّ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إنْ رَجَعَ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ فَلَا سَبِيلَ لِلْوَرَثَةِ عَلَى هَذَا الْمَالِ، وَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ كَانَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوهُ إذَا وَجَدُوهُ فِي الْغَنِيمَةِ، قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَبَعْدَهَا بِالْقِيمَةِ. وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ، وَلَكِنْ أَطْلَقَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْجَوَابَ وَقَسَّمَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

فَإِنْ كَانَ عَوْدُهُ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ فَاللَّحَاقُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ الْغَيْبَةِ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ اللَّحَاقُ الثَّانِي، وَالْمَالُ فِيهِ مَعَهُ، وَكَأَنَّهُ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بِمَا لَهُ.

وَأَمَّا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ فَقَدْ صَارَ الْمَالُ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ، وَهُوَ حَرْبِيٌّ خَرَجَ، فَاسْتَوْلَى عَلَى مَالِ الْوَرَثَةِ وَأَحْرَزَهُ، وَلَوْ اسْتَوْلَى غَيْرُهُ عَلَى هَذَا الْمَالِ، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ، كَانَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَبَعْدَهَا بِالْقِيمَةِ فَهَذَا مِثْلُهُ وَالْمُكَاتَبُ الْمُرْتَدُّ اللَّاحِقُ بِدَارِ الْحَرْبِ إذَا اكْتَسَبَ مَالًا ثُمَّ أُخِذَ مَعَ مَالِهِ فَقُتِلَ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي كِتَابَتَهُ، وَمَا بَقِيَ مِيرَاثٌ لِوَرَثَتِهِ بِخِلَافِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ فِي كَسْبِ الْمُكَاتَبِ حَقٌّ لِمَوْلَاهُ، وَبَعْدَ لَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ الْكِتَابَةُ بَاقِيَةٌ، فَإِذَا كَانَ الْمَوْتُ الْحَقِيقِيُّ لَا يُبْطِلُ الْكِتَابَةَ فَالْمَوْتُ الْحُكْمِيُّ أَوْلَى، وَقِيَامُ حَقِّ الْمَوْلَى فِي كَسْبِهِ يَمْنَعُ كَوْنَهُ فَيْئًا؛ فَلِهَذَا كَانَ مَا اكْتَسَبَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَفِي دَارِ الْحَرْبِ سَوَاءً.

فَأَمَّا الْحَرْبِيُّ فَقَدْ صَارَ حَرْبِيًّا حِينَ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَكْتَسِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا وَقَعَ الظُّهُورُ عَلَيْهِ كَانَ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ

٣٩٨٠ -

<<  <   >  >>