للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَكِنَّهُ يَجْعَلُ إنْكَارَهُ هَذَا إسْلَامًا مُسْتَقْبَلًا مِنْهُ، فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَلَا مَالَهُ إلَّا مَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فِي يَدِ وَارِثِهِ، كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْمُرْتَدِّ الْمَعْرُوفِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانَ الْمُسْلِمِ ذِمِّيٌّ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِنَقْضِ الْعَهْدِ، إلَّا أَنَّ شَهَادَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ هَا هُنَا مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَقُومُ عَلَى الذِّمِّيِّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ.

وَإِنْ سَمِعَ الْقَاضِي الشَّهَادَةَ بِرِدَّةِ الْأَسِيرِ فَلَمْ يَقْضِ بِهَا حَتَّى جَاءَ مُسْلِمًا وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ ارْتَدَّ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَالُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَتَّصِلْ قَضَاءُ الْقَاضِي بِلَحَاقِ الْمُرْتَدِّ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يَصِيرُ الْمَالُ لِوَرَثَتِهِ. ٤٠٢٨ فَإِذَا جَاءَ مُسْلِمًا كَانَ الْمَالُ عَلَى حَالِهِ إنْ كَانَ ارْتَدَّ أَوْ لَمْ يَرْتَدَّ، وَيَسْأَلُ عَنْ الشَّاهِدَيْنِ فَإِنْ عُدِّلَا أَبَانَ مِنْهُ امْرَأَتَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ يَثْبُتُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ وَلَا يَحْكُمُ بِعِتْقِ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ بَلْ بِالْمَوْتِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلرِّدَّةِ حُكْمُ الْمَوْتِ إذَا اتَّصَلَ بِهَا قَضَاءُ الْقَاضِي.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ هَا هُنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ فَقَدْ قَضَى بِرِدَّتِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ عِتْقَ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ.

قُلْنَا: لَا كَذَلِكَ، فَالْمُرْتَدُّ وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا يُعْتَقُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ، وَهَا هُنَا الْقَاضِي لَا يَقْضِي إلَّا بِالْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ.

<<  <   >  >>