لِأَنَّ حُرْمَةَ الْكُفْرِ حُرْمَةٌ بَاتَّةٌ مُصْمَتَةٌ لَا تَنْكَشِفُ بِحَالٍ، فَهَذَا مِمَّا لَا يَحِلُّ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ مِنْ نَفْسِهِ وَيَرْضَى بِهِ، بِمَنْزِلَةِ الْقَتْلِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَهُ لَتَكْفُرَنَّ بِاَللَّهِ أَوْ لَنَقْتُلَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَمْ يَسَعْهُ أَنْ يَكْفُرَ بِاَللَّهِ إذَا خَافَ الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَسَعُهُ إجْرَاءُ كَلِمَةِ الْكُفْرِ مَعَ طُمَأْنِينَةِ الْقَلْبِ بِالْإِيمَانِ إذَا خَافَ الْقَتْلَ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ هَا هُنَا إنَّمَا يَخَافُ الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَهْرُبَ مِنْ الشِّرْكِ وَيَدَعَ كَفِيلَهُ. .
٤٠٧٩ - وَلَوْ قَالُوا: اُقْتُلْ هَذَا الْمُسْلِمَ أَوْ الْمُعَاهِدَ أَوْ لَنَقْتُلَنَّكَ فَأَعْطَاهُمْ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ عَلَى أَنْ يُحْضِرَهُ غَدًا لِيَفْعَلَ بِهِ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يُخْفِرَ كَفِيلَهُ فَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى قَتْلِ الْمُسْلِمِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَصْلًا، سَوَاءٌ كَانَ يَخَافُ الْهَلَاكَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ. .
- وَلَوْ قَالَ لِلْأَسِيرِ نُخَلِّي سَبِيلَك عَلَى أَنْ تُؤَمِّنَنَا فَلَا تَغْتَالَ أَحَدًا مِنَّا، وَلَا تَأْخُذَ لِأَحَدٍ مِنَّا مَالًا، وَلَا تَخْرُجَ مِنْ بِلَادِنَا فَحَلَفَ لَهُمْ عَلَى هَذَا، وَخَلَّوْا سَبِيلَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَخْرُجَ، وَيُكَفِّرُ يَمِينَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ يَمِينَهُ» . إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَغْتَالَهُمْ فَيَقْتُلَ أَحَدًا مِنْهُمْ، أَوْ يَأْخُذَ لَهُ مَالًا؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَعْطَاهُمْ الْعَهْدَ عَلَى هَذَا فَقَدْ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْمَنِ فِيهِمْ، وَقَدْ بَيَّنَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute