هَذَا مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَمْلِيكٌ مُؤَقَّتٌ، أَيْ إذَا بَلَغْت وَادِيَ الْقُرَى وَجَاوَزْته فَهُوَ مِلْكٌ لَك، كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِآخَرَ: إذَا جَاءَ غَدٌ فَهَذِهِ الدَّارُ صَدَقَةٌ لَك.
وَإِذَا كَانَ تَمْلِيكًا بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الْوَادِي لَا يَمْلِكُهُ فِي الْحَالِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَمْلِيكًا فِي الْحَالِ، إلَّا أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مِنْهُ لِلْمَنْعِ عَنْ الصَّرْفِ إلَى حَوَائِجِهِ، وَالتَّرْغِيبِ فِي الْخُرُوجِ بِهِ إلَى الْغَزْوِ، فَيَكُونُ لِهَذَا الشَّرْطِ حُكْمُ الْمَشُورَةِ.
وَرُوِيَ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -، إذَا بَلَغْت وَادِيَ الْقُرَى فَشَأْنُك، وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي رَجُلٍ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ عَطَاءٌ: طَاعَةُ اللَّهِ كُلُّهَا سَبِيلُهُ.
وَلَكِنْ لَوْ كَانَ سُمِّيَ غَزْوًا كَانَ كَمَا قَالَ.
قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ يُعْطِيَ أَهْلَ الْحَاجَةِ مِمَّنْ يَغْزُو بِهِ سَبِيلَ اللَّهِ وَلَا يُعْطِيَ الْغَنِيَّ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: " ثُلْثَيْ مَالِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ عِبَارَةٌ عَنْ التَّصَدُّقِ، فَيَكُونُ مَوْضِعُهُ الْفُقَرَاءَ كَمَا هُوَ السَّبِيلُ فِي سَائِرِ الصَّدَقَاتِ. .
- وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سَوْدَةَ أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنْ الْقَارَّةِ مِنْ كِنَانَةَ تُوُفِّيَ أَحَدُهُمَا وَأَوْصَى بِدَنَانِيرَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لِأَخِيهِ الْغَزْوُ مِنْ عَامِهِ فَحَجَّ بِهِ، فَلَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ. - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute