للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، الْحَبْسُ لَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّ مِلْكَهُ لَا يَزُولُ بِالْحَبْسِ، حَتَّى إنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ مَاتَ يُورَثُ عَنْهُ فَيَكُونُ الْحَبْسُ عَلَى مَعْنَى الْعَارِيَّةِ، وَإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ كَسَائِرِ الْوُقُوفِ عَلَى مَذْهَبِهِ.

ثُمَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا يَصِيرُ حَبْسًا إلَّا بِالتَّسْلِيمِ، وَهُوَ إلَى قَيِّمٍ؛ إلَى مُتَوَلِّي الْغُزَاةِ أَوْ بِنَصْبِ وَاحِدٍ يَقُومُ بِهِ، فَيُسَلِّمُهُ إلَى رَجُلٍ يُرِيدُ الْغَزْوَ، فَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ أَوْ إلَى قَيِّمِ الْأَوْقَافِ فَيُزِيلُ يَدَهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ التَّسْلِيمَ شَرْطٌ فِي الْوُقُوفِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَوْقَافِ.

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - التَّسْلِيمُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ، وَلَكِنْ الْإِشْهَادُ يَكْفِي، فَكَذَلِكَ التَّسْلِيمُ فِي الْحَبْسِ لَيْسَ بِشَرْطٍ.

ثُمَّ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ كَانَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ تَبَرُّعَاتِ الصَّحِيحِ تُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ أَوْ أَوْصَى بَعْدَ مَوْتِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ كَسَائِرِ تَبَرُّعَاتِهِ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ. .

<<  <   >  >>