لِأَنَّ قَصْدَ صَاحِبِهَا بِالسِّمَةِ هُوَ الْمَعْرِفَةُ لَا التَّهَاوُنُ بِاسْمِ اللَّهِ - تَعَالَى، فَلَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، وَهَذَا يُبَيِّنُ لَك الْجَوَابَ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ لَهُ خَاتَمٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى، فَإِنَّ جَوَابَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ، وَالْخَاتَمُ فِي أُصْبُعِهِ أَوْ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ مَعَهُ، بَلْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْ أُصْبُعِهِ تَعْظِيمًا لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَفِيمَا ذُكِرَ هَا هُنَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ، أَوْ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ، وَهُوَ مُتَخَتِّمٌ بِذَلِكَ الْخَاتَمِ، وَلَكِنَّ جَوَابَ الْعُلَمَاءِ مَا بَيَّنَّاهُ.
- عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِالْبَدَلِ بِالْحَبِيسِ مِنْ عِلَّةٍ بَأْسًا، وَيَكْرَهُهُ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ. وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِالْبَدَلِ بِالْحَبِيسِ بَأْسًا، وَيَكْرَهُهُ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ إذَا مَرِضَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ بِغَيْرِ عِلَّةٍ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِبْدَالُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي حَبَسَهُ رَضِيَ بِحَبْسِهِ لَا بِاسْتِبْدَالِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِعِلَّةٍ فَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مِمَّا يُتَوَهَّمُ زَوَالُهَا نَحْوُ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُبَدِّلَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ عِنْدَهُ لَازِمٌ حَتَّى كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَبِيعَهُ، فَلَمَّا كَانَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَبِيعَهُ وَالرُّجُوعُ فِيهِ، فَكَذَلِكَ الِاسْتِبْدَالُ.
وَأَمَّا عِنْدَهُمَا الْحَبْسُ لَازِمٌ، وَلَوْ شَاءَ صَاحِبُهُ أَنْ يَبِيعَهُ بَعْدَ مَا مَرِضَ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute