أَنْ آخُذَ مِنْ الْمُسْلِمِ رُبْعَ الْعُشْرِ، وَمِنْ الذِّمِّيِّ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَمِنْ الْحَرْبِيِّ الْعُشْرَ كُلَّهُ» .
فَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فَعَلَيْنَا اتِّبَاعُهُ.
٤٢٣١ - وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَاشِرَ هُوَ الَّذِي أَقَامَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، عَلَى الدَّرْبِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ وَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ وَجَعَلَ نَفَقَتَهُ مِنْهُ، فَإِنَّمَا سَمَّاهُ عَاشِرًا؛ لِأَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مَدَارُهُ عَلَى الْعُشْرِ، وَإِنَّمَا أَثْبَتَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - حَقَّ الْأَخْذِ لِلْعَاشِرِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ فِي حِمَايَةِ الْإِمَامِ وَرِعَايَتِهِ؛ لِأَنَّ أَمْنَ الطَّرِيقِ بِالْإِمَامِ، فَصَارَ هَذَا الْمَالُ آمِنًا بِرِعَايَةِ الْإِمَامِ وَحِمَايَتِهِ، فَأَثْبَتَ حَقَّ الْأَخْذِ لِلْإِمَامِ كَالسَّوَائِمِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمَفَاوِزِ، كَانَ أَخَذَ زَكَاتهَا إلَى الْإِمَامِ، لِمَا أَنَّهَا فِي حِمَايَةِ الْإِمَامِ وَرِعَايَتِهِ، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا.
وَإِنَّمَا أَمَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِأَخْذِ رُبْعِ الْعُشْرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُمْ زَكَاةٌ عَلَى مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ» وَالزَّكَاةُ لِمَا تَبَيَّنَ رُبْعُ الْعُشْرِ. فَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَإِنَّمَا أُمِرَ بِأَخْذِ نِصْفِ الْعُشْرِ مِنْهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْكَافِرِ، فَوَجَبَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ ضِعْفُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِ.
كَمَا فِي النَّصْرَانِيِّ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الصَّدَقَةُ الْمُضَاعَفَةُ وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ فَإِنَّمَا أُمِرَ بِأَخْذِ الْعُشْرِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مِنَّا الْعُشْرَ، فَأَمَرَ بِأَخْذِ الْعُشْرِ مِنْهُمْ إذْ الْأَمْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْكُفَّارِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُجَازَاةِ، حَتَّى أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنَّا الْخُمْسَ أَخَذْنَا مِنْهُمْ الْخُمْسَ، وَإِنْ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنَّا نِصْفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute