اجْتِهَادُ الرَّأْيِ.
فَإِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ، يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَابُ لِلسَّرِيَّةِ خَاصَّةً، فَالْأَمِيرُ حَيْثُ أَمَرَ بِالْقِسْمَةِ فَإِنَّمَا أَمَرَ مُتَأَوِّلًا لِهَذَا الْحَدِيثِ. وَأَمْرُ الْأَمِيرِ مَتَى صَادَفَ فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ نَفَذَ أَمْرُهُ، وَإِنْ قَطَعَ حَقَّ الْعَسْكَرِ عَمَّا أَصَابُوا إذْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ، فَجَازَ قِسْمَةُ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ.
٤٣٣٤ - وَلَوْ أَنَّ أَمِيرَ الْعَسْكَرِ بَعَثَ سَرَايَا وَنَفَلَهُمْ أَنْفَالًا فَقَالَ لِسَرِيَّةٍ مِنْهُمْ: مَنْ أَصَابَ رَأْسًا فَهُوَ لَهُ، وَقَالَ لِسَرِيَّةٍ أُخْرَى: لَكُمْ الرُّبُعُ بَعْدَ الْخُمُسِ مِمَّا أَصَبْتُمْ، وَقَالَ لِسَرِيَّةٍ أُخْرَى: مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ رَأْسًا فَلَهُ نِصْفُهُ فَخَرَجُوا فَأَصَابُوا غَنَائِمَ فِيهَا مُقَاتِلَةٌ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ أَنْ يَقْتُلَ مِنْهُمْ أَحَدًا. لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا أَصَابُوا نَفْلٌ، لَمْ يَكُنْ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا مِنْ الْمُقَاتِلَةِ، فَإِذَا كَانَ فِيهِ نَفْلٌ أَوْلَى أَلَّا يَقْتُلَ أَحَدًا مِنْهُمْ.
٤٣٣٥ - فَإِذَا انْتَهَوْا بِهِمْ إلَى الْمُعَسْكَرِ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِأَمِيرِ الْعَسْكَرِ أَنْ يَقْتُلَ مِنْهُمْ أَحَدًا. لِأَنَّهُ بِنَفْسِ الْإِصَابَةِ قَدْ ثَبَتَ فِيهِ النَّفَلُ لِأَصْحَابِ النَّفْلِ، وَالنَّفَلُ حَقٌّ خَاصٌّ لِأَهْلِهِ، لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ، فَصَارَ النَّفَلُ كَحَقِّ الْغَانِمِينَ فِي الْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَلَيْسَ لِلْأَمِيرِ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا مِنْ الْمُقَاتِلَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، فَكَذَلِكَ هَا هُنَا لَا يَقْتُلُ أَحَدًا مِنْهُمْ لِحَقِّ النَّفْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute