٤٣٣٩ - وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَوْضِعُ لَمْ يَقْوَ مَنْ تُرِكَ فِيهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَحْكُمُوا فِيهَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، لَمْ يَسَعْ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُجِيبُوهُمْ إلَى هَذَا وَلَكِنَّهُمْ يَجْعَلُونَهُمْ ذِمَّةً إذَا خَرَجُوا بِعِيَالَتِهِمْ إلَى أَرْضِ الْإِسْلَامِ. لِأَنَّ دَارَ الشِّرْكِ إنَّمَا تَصِيرُ دَارَ الْإِسْلَامِ بِإِجْرَاءِ حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا، وَأَهْلُ الشِّرْكِ إنَّمَا يَصِيرُونَ أَهْلَ الذِّمَّةِ بِإِجْرَاءِ حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ عَجَزَ الْأَمِيرُ عَنْ إجْرَاءِ حُكْمِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمْ، فَكَانُوا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُوَادِعِينَ لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَهْلُ الْحَرْبِ مَتَى طَلَبُوا مُوَادَعَتَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مُوَادَعَتُهُمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا خَيْرٌ لِلْمُسْلِمِينَ ظَاهِرًا، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا لَا يَجِبُ قَبُولُ هَذِهِ الذِّمَّةِ مِنْهُمْ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمُوا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ مِنْ الْإِمَامِ، فَإِذَا أَسْلَمُوا صَارُوا مُسْلِمِينَ، فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُمْ الْأَمِيرُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَلَكِنْ يَخْلُفُ فِيهِمْ رَجُلًا يُجْرِي فِيهِمْ حُكْمَ الْمُسْلِمِينَ، إنْ قَدَرُوا وَإِلَّا يَتْرُكُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، «وَقَدْ أَسْلَمَ أَهْلُ نَجْرَانَ وَأَهْلُ الْيَمَامَةِ وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، قَوْمٌ كَثِيرٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَتَرَكَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» .
٤٣٤٠ - فَإِنْ أَجَابُوا إلَى التَّحَوُّلِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْبَوْا عَلَيْهِمْ وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ يَظْفَرُونَ بِهِمْ. لِأَنَّهُمْ فِي الْحَالِ مُمْتَنِعُونَ، فَلَمْ يَصِيرُوا فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ فَيَجِبُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَالْكَفُّ عَنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute