للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِأَنَّ قَبُولَ الذِّمَّةِ وَاجِبٌ فَقَدْ تَرَكَ مَا هُوَ الْوَاجِبُ فَيَكُونُ مُخْطِئًا فِي ذَلِكَ.

٤٣٥٧ - وَإِذَا دَعَوْا إلَى أَنْ يُسْلِمُوا فَهَذَا لَا يُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْبَى عَلَيْهِمْ. لِأَنَّ الْقِتَالَ شُرِعَ؛ لِأَجْلِ الْإِسْلَامِ، فَلَا مَعْنَى لِرَدِّ الْإِسْلَامِ وَالْقِتَالُ شُرِعَ لِأَجْلِهِ. فَإِنْ أَبَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَسْلَمُوا ثُمَّ قَاتَلُوا وَظَفِرَ عَلَيْهِمْ خَلَّى سَبِيلَهُمْ وَسُلِّمَتْ لَهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَبَطَلَ مَا كَانَ حُكِمَ فِيهِمْ مِنْ سَبْيٍ أَوْ قِسْمَةٍ. لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَسْلَمُوا صَحَّ إسْلَامُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ فَقَدْ قَاتَلُوهُمْ وَهُمْ مُسْلِمُونَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَالْمُسْلِمُ لَا يُسْتَرَقُّ وَلَا يُسْتَغْنَمُ مَالُهُ، فَيَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَمَا أَرَاقُوا مِنْ دِمَائِهِمْ.

٤٣٥٨ - وَإِنْ كَانُوا دَعَوْا إلَى أَنْ يُسْلِمُوا وَيَكُفَّ عَنْهُمْ فَأَبَى الْأَمِيرُ أَنْ يُجِيبَهُمْ إلَى ذَلِكَ فَقَاتَلَهُمْ وَلَمْ يُسْلِمُوا فَأَصَابَهُمْ فَقَدْ أَخْطَأَ فِيمَا صَنَعَ؛ لِمَا قُلْنَا أَنَّهُمْ لَوْ طَلَبُوا الذِّمَّةَ وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمْ، فَإِذَا طَلَبُوا الْإِسْلَامَ أَوْلَى أَنْ يَكُفَّ عَنْهُمْ، وَمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فَدَمُهُ مَوْضُوعٌ وَمَا اُسْتُهْلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ. لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَصَابُوا ذَلِكَ مِنْهُمْ وَهُمْ كُفَّارٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ إلَّا إرَادَةُ الْإِسْلَامِ وَبِالْإِرَادَةِ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا، فَدَمُ الْكَافِرِ وَضَمَانُ مَالِهِ مَوْضُوعٌ.

٤٣٥٩ - وَأَمَّا مَا بَقِيَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَمْوَالِهِمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا رَدَّ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَيْهِمْ، وَكَانُوا أَحْرَارًا لَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ.

<<  <   >  >>