وَفِيهِ دَلِيلُ جَوَازِ الْعَزْلِ. وَهَذَا اللَّفْظُ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَيْضًا. وَالْيَهُودُ كَانُوا يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ إنَّهُ الْمَوْءُودَة الصُّغْرَى فَنَزَلَتْ الْآيَةُ رَدًّا عَلَيْهِمْ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْعَزْلِ فَقَالَ: إذَا أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ نَسَمَةٍ مِنْ صُلْبِ رَجُلٍ فَهُوَ خَالِقُهَا، وَإِنْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى صَخْرَةٍ. فَإِنْ شِئْتُمْ فَاعْزِلُوا وَإِنْ شِئْتُمْ فَاتْرُكُوا. وَهَكَذَا يَرْوِيه أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنَّهُ فِي الْعَزْلِ عَنْ الْحُرَّةِ يَحْتَاجُ إلَى رِضَاهَا لِيَحِلَّ لَهُ ذَلِكَ، وَفِي الْعَزْلِ عَنْ أَمَتِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ.
- قَالَ: وَلَوْ دَخَلَ مُسْلِمٌ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَتَمَّ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَارَبٍ لَهُمْ، بَلْ هُوَ فِي أَمَانٍ مِنْهُمْ، فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْمَقَامِ بِقَدْرِ مَا نَوَاهُ كَمَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.
- وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَمْ يَأْسِرُوهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِهِ فَهُوَ يُتِمُّ الصَّلَاةَ أَيْضًا مَا دَامَ فِي مَنْزِلِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُقِيمًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَلَا يَصِيرُ مُسَافِرًا مَا لَمْ يَرْتَحِلْ مِنْهُ.
- وَإِنْ سَافَرَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَقَصَرَ الصَّلَاةَ ثُمَّ انْتَهَى إلَى مَقْصِدِهِ فِي دَارِ الْحَرْبِ نَوَى أَنْ يُقِيمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَتَمَّ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ فَهُوَ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَرَارِ فِي مَوْضِعِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُحَارِبٍ لَهُمْ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُسْتَأْمَنِ فِيهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute