للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنَا مُتَمَكِّنٌ فِي الْجَبَلِ. فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مَعَهُ إدَاوَةٌ، وَنَعْلَاهُ فِي يَدِهِ، وَكُنْت حَافِيًا. فَجَلَسَ يَبُولُ، فَوَضَعَ إدَاوَتَهُ وَنَعْلَيْهِ. وَضَرَبْت الْعَنْكَبُوتَ عَلَى الْغَارِ. أَوْ قَالَ: خَرَجَتْ حَمَامَةٌ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ. فَنَزَلَ وَتَرَك نَعْلَيْهِ وَإِدَاوَتَهُ. فَخَرَجْت وَلَبِسْت النَّعْلَيْنِ وَأَخَذْت الْإِدَاوَةَ فَكُنْت أَسِيرُ اللَّيْلَ وَأَتَوَارَى بِالنَّهَارِ، حَتَّى جِئْت الْمَدِينَةَ، فَوَجَدْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ. فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: أَفْلَحَ الْوَجْهُ - وَهَذَا لَفْظٌ يَتَكَلَّمُ بِهِ الْعَرَبُ خِطَابًا لِمَنْ نَالَ الْمُرَادَ وَفَازَ بِالنُّصْرَةِ - فَقُلْت: وَجْهُك الْكَرِيمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَخْبَرْته خَبَرِي، فَدَفَعَ إلَيَّ (٧٠ أ) عَصًا وَقَالَ: " تَخَصَّرْ بِهَذِهِ يَا ابْنَ أُنَيْسٍ فِي الْجَنَّةِ فَإِنَّ الْمُتَخَصِّرِينَ فِي الْجَنَّةِ قَلِيلٌ ". قِيلَ مَعْنَاهُ: تَحَكَّمْ بِهَا فِي الْجَنَّةِ كَمَا يَتَحَكَّمُ الْمُلُوكُ بِمَا يَشَاءُونَ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: لِيَكُنْ هَذَا عَلَامَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَك يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى أُجَازِيَك عَلَى صَنِيعِك بِسُؤَالِ الزِّيَادَةِ فِي الدَّرَجَةِ لَك، فَإِنَّ مِثْلَك مِمَّنْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَبِيِّهِ عَلَامَةٌ فَيُجَازِيَهُ عَلَى صَنِيعِهِ فِي الْجَنَّةِ. قِيلَ: فَكَانَتْ عِنْدَ ابْنِ أُنَيْسٍ. حَتَّى إذَا مَاتَ أَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُدْرِجُوهَا فِي كَفَنِهِ

<<  <   >  >>