لِأَنَّ انْزِجَارَهُ عَنْ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ عِنْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَظْهَرُ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالِاسْتِحْلَافِ هَا هُنَا.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا اسْتَحْلَفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَ النَّارَ. لِهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا. وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا: لَا يُسْتَحْلَفُ الْمَجُوسِيُّ إلَّا بِاَللَّهِ. لِأَنَّ فِي ذِكْرِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ مَعْنَى تَعْظِيمِ النَّارِ، وَالنَّارُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ الْجَمَادَاتِ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فَهُنَاكَ فِيمَا يَزِيدُ مَعْنَى تَعْظِيمِ الْكِتَابَيْنِ وَالرَّسُولَيْنِ وَذَلِكَ يَسْتَقِيمُ.
٤٤١ - فَإِنْ كَانُوا أَمَّنُوهُمْ عَلَى أَهْلِيهِمْ فَقَالَ: هَذَا مِنْ أَهْلِي وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعِي ثُمَّ قَالَ الْمُدَّعِي لَيْسَ مِنْ أَهْلِي وَقَدْ كَذَبْت، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي. لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْأَمْنَ بِادِّعَائِهِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ بِالْكَلَامِ الثَّانِي يُرِيدُ إبْطَالَ الْأَمَانِ الثَّابِتِ لَهُ.
٤٤٢ - وَهُوَ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُنَاقِضًا فَكَيْفَ إذَا كَانَ مُنَاقِضًا، وَلَوْ رَجَعَ الْمُدَّعَى دُونَ الْمُدَّعِي كَانَ الْمُدَّعَى فَيْئًا. لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ لِلْمُسْلِمِينَ، وَبِكَوْنِهِ مِنْ أَهْل الْمُدَّعِي لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولَ الْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ. إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي ادَّعَى أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لَهُ وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعَى ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: لَسْت بِمَمْلُوكٍ، لَمْ يُصَدَّقْ وَكَانَ مَمْلُوكًا لَهُ. لِأَنَّ بِتَصْدِيقِهِ صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ. فَلَا يَبْقَى لَهُ قَوْلٌ مُعْتَبَرٌ فِي إبْطَالِ مِلْكِهِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَمَمْلُوكُهُ مِنْ أَهْلِهِ فَإِنَّهُ يَعُولُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ فَيَتَنَاوَلُهُ الْأَمَانُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute