للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَوْ أَثْبَتْنَا الْمُزَاحَمَةَ انْتَقَضَ نَصِيبُ الْمَوَالِي، وَلَا يَجُوزُ إدْخَالُ النُّقْصَانِ عَلَى الْأَقْرَبِ بِمُزَاحَمَةِ الْأَبْعَدِ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي الْأَمَانِ، فَسَوَاءٌ دَخَلَ مَوَالِي الْمَوَالِي أَوْ لَمْ يَدْخَلُوا كَانَ الْأَمَانُ لِمَوَالِيهِ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَقْصُودَهُ اسْتِنْقَاذُ الْفَرِيقَيْنِ. ثُمَّ لَا نَقُولُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ، وَلَكِنَّ هَذَا الِاسْمَ لِلْمَوَالِي حَقِيقَةً وَلِمَوَالِي الْمَوَالِي أَيْضًا صُورَةً وَمَجَازًا، فَبِاعْتِبَارِ هَذِهِ الصُّورَةِ تَتَمَكَّنُ شُبْهَةٌ فِي حَقِّهِمْ.

وَالْأَمَانُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّوَسُّعِ حَيْثُ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ صُورَةً، فَلَأَنْ يَثْبُتَ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْلَى. وَبِهِ فَارَقَ الْوَصِيَّةَ.

٤٧١ - وَلَوْ قَالُوا: أَمِّنُونَا عَلَى إخْوَانِنَا وَلَهُمْ إخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ فَهُمْ آمِنُونَ. لِاسْمِ الْإِخْوَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانُوا إخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً} [النساء: ١٧٦] وَفِي الْحَقِيقَةِ هَذِهِ الصِّيغَةُ لِلذُّكُورِ، إلَّا أَنَّ مِنْ مَذْهَبِ الْعَرَبِ عِنْدَ اخْتِلَاطِ الذُّكُورِ بِالْإِنَاثِ تَغْلِيبَ الذُّكُورِ وَإِطْلَاقَ عَلَامَةِ الذُّكُورِ عَلَى الْكُلِّ. وَالْمُسْتَعْمَلُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ بِمَنْزِلَةِ الْحَقِيقَةِ. نَقُولُ: فَإِنْ كَانَ لَهُمْ أَخَوَاتٌ لَيْسَ مَعَهُنَّ وَاحِدٌ مِنْ الذُّكُورِ لَمْ يَدْخُلْنَ فِي الْأَمَانِ. لِأَنَّ الْإِنَاثَ الْمُفْرَدَاتِ لَا تَتَنَاوَلُهُنَّ صِيغَةُ الذُّكُورِ. فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - قَالَ: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] ، ثُمَّ الْأَخَوَاتُ الْمُنْفَرِدَاتُ يَحْجُبْنَ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ؟ قُلْنَا: لَا بِهَذِهِ الْآيَةِ بَلْ بِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ وَاعْتِبَارِ مَعْنَى الْحَجْبِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ. وَلَكِنَّ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى فِي النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ جَائِزٌ، فَأَمَّا فِي أَلْفَاظِ الْعِبَادِ يُرَاعَى عَيْنُ

<<  <   >  >>