للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥٠١ - وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ كَانَ عَبْدًا لَهُ بِحُجَّةٍ سِوَى إقْرَارِهِ. وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ حِينَ نَادَى بِالْأَمَانِ أَوْ رَآهُ الْمُسْلِمُونَ أَخْبَرَ أَنَّهُ عَبْدٌ جَاءَ غَيْرَ مُرَاغِمٍ لِمَوْلَاهُ صُدِّقَ أَيْضًا، وَدُفِعَ إلَى مَوْلَاهُ. لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا، وَقَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّقَ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ بِهِ، فَلَا تَتَمَكَّنُ التُّهْمَةُ فِي إقْرَارِهِ.

٥٠٢ - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدٌ حَتَّى صَارَ ذِمَّةً وَأُخِذَ مِنْهُ الْخَرَاجُ ثُمَّ جَاءَ مُسْتَأْمَنٌ فَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدُهُ بَعَثَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ لِلتِّجَارَةِ بِأَمَانٍ، وَصَدَّقَهُ بِذَلِكَ الذِّمِّيُّ، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يُصَدِّقُهُ عَلَى مَا قَبَضَ مِنْ الْخَرَاجِ لِيَرُدَّهُ، وَلَا عَلَى رَقَبَتِهِ لِيُعِيدَهُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، وَلَكِنَّهُ يَجْعَلُهُ عَبْدًا لَهُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ. لِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ مُحْتَمَلٌ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، فَلَا يَكُونُ حُجَّةً فِيمَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ التُّهْمَةُ، فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْمُقِرِّ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ. وَفِي صَيْرُورَتِهِ مِلْكًا لِلْمُقَرِّ لَهُ لَا تُهْمَةَ فِيهِ. فَأَمَّا فِي رَدِّهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَتَتَمَكَّنُ التُّهْمَةُ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا مَمْنُوعًا مِنْ الرُّجُوعِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ. فَلَعَلَّهُ وَاضِعٌ هَذَا الرَّجُلَ حِينَ لَمْ يُعْجِبْهُ الْمُقَامُ فِي دَارِنَا حَتَّى يُقِرَّ لَهُ بِالرِّقِّ فَيَرُدُّهُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ. وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ صَيْرُورَتِهِ عَبْدًا لَهُ أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا ذِمِّيًّا فِي دَارِنَا أَوْ أَسْلَمَ عَبْدُهُ فَيُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى دَارِ الْحَرْبِ. وَلَا إشْكَالَ أَنَّ مَا قُبِضَ مِنْهُ مِنْ الْخَرَاجِ قَدْ صَارَ حَقًّا لِلْمُقَاتِلَةِ. فَلَا يُصَدَّقُ هُوَ (٨٧ ب) فِي إيجَابِ رَدِّ ذَلِكَ عَلَى الْحَرْبِيِّ.

<<  <   >  >>