إلَّا رَقِيقُهُ وَأَوْلَادُهُ الصِّغَارُ الَّذِينَ يُعَبِّرُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ. أَمَّا رَقِيقُهُ فَلِأَنَّ مِلْكَهُ تَقَرَّرَ فِيهِمْ بِالتَّصْدِيقِ، فَلَا يَبْقَى لَهُمْ قَوْلٌ فِي إبْطَالِ مِلْكِهِ. وَأَمَّا أَوْلَادُهُ فَقَدْ ثَبَتَ نَسَبُهُمْ بِالتَّصْدِيقِ وَتَأَكَّدَتْ حُرِّيَّتُهُمْ بِاعْتِبَارِ أَمَانِهِ، وَلَا قَوْلَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، بِمَنْزِلَةِ مَعْرُوفِ النَّسَبِ وَحُرِّ الْأَصْلِ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ صَغِيرٌ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ. أَمَّا ابْنَتُهُ وَزَوْجَتُهُ وَأُخْتُهُ وَعَمَّتُهُ إذَا كَذَّبَتْ بَعْدَ التَّصْدِيقِ كَانَتْ فَيْئًا، لِإِقْرَارِهَا بِالرِّقِّ عَلَى نَفْسِهَا. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ ثَبَتَ نَسَبُ الِابْنَةِ مِنْهُ حِينَ صَدَّقَتْهُ. قُلْنَا: نَعَمْ. وَلَكِنْ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ نَسَبِهَا مِنْهُ بُطْلَانُ إقْرَارِهَا بِالرِّقِّ عَلَى نَفْسِهَا. وَالْبَالِغَةُ مَقْبُولَةُ الْقَوْلِ فِيمَا يَضُرُّهَا، بِخِلَافِ الصَّغِيرِ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ مَقْبُولُ الْقَوْلِ فِيمَا يَنْفَعُهُ لَا فِيمَا يَضُرُّهُ، وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ الرِّقِّ بِإِقْرَارٍ بَعْدَ مَا ظَهَرَتْ حُرِّيَّتُهُ بِتَصْدِيقِهِ. فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ أَنَّ هَذَا الصَّغِيرَ لَوْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ وَهُوَ مَجْهُولُ الْحَالِ فَأَقَرَّ بِأَنَّهُ عَبْدُهُ كَانَ عَبْدًا لَهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. وَلَكِنَّهُ لَا بِإِقْرَارِهِ بَلْ بِدَعْوَى ذَلِكَ الرَّجُلِ. إلَّا أَنَّ مَنْ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ تَكُنْ يَدُ الْغَيْرِ مُسْتَقِرَّةً عَلَيْهِ. فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ وَجَبَ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ، وَحِينَ قَالَ: أَنَا عَبْدٌ لَهُ فَقَدْ تَقَرَّرَتْ يَدُ ذِي الْيَدِ عَلَيْهِ. فَيَثْبُتُ الرِّقُّ بِدَعْوَى ذِي الْيَدِ، وَبِاعْتِبَارِ يَدِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ. فَأَمَّا أَنْ يَثْبُتَ الرِّقُّ بِإِقْرَارِهِ (٨٩ آ) فَلَا. لِأَنَّ إقْرَارَ الصَّبِيِّ بِمَا يَتَرَدَّدُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ لَا يَصِحُّ، فَكَيْفَ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمَا يَضُرُّهُ؟ .
٥١٥ - وَلَوْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ حَاصَرُوا حِصْنًا فَطَلَبَ إلَيْهِمْ رَجُلٌ الْأَمَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute