للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: لِمَاذَا لَمْ يَجْعَلْ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، فَإِنَّ هُنَاكَ لَا تُسْمَعُ الْخُصُومَةُ فِيهِ، وَهُنَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ. فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تُسْمَعَ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا فِيهِ مَا لَمْ يَصِرْ الْمُسْتَأْمَنُ مِنْ أَهْلِ دَارِنَا؟ قُلْنَا: فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَدَّعِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ فِي يَدِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي عَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ الْخُصُومَةَ فِيهِ بَيْنَهُمَا، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. فَإِنْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ أَنَّ الْغَاصِبَ وَثَبَ فِي مَنَعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ حَتَّى تَعَلَّقَ بِالْبَغْلِ مَعَ صَاحِبِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْمِنَا، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ هَذِهِ الْخُصُومَةَ أَيْضًا وَيَقْضِي بِهِ لِصَاحِبِهِ. لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ وَلَمْ يُحْرِزْهُ غَاصِبُهُ مَا دَامَتْ يَدُ صَاحِبِهِ مُعَارِضَةً لِيَدِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ فِي مَنَعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ لِأَنَّ هُنَاكَ قَدْ تَمَّ زَوَالُ يَدِ صَاحِبِهِ. وَقَدْ تَمَّ الْإِحْرَازُ مِنْ الْغَاصِبِ لَهُ. فَلِهَذَا لَا يَقْضِي لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَسْلَمَا.

٥٣٠ - وَإِنْ قَالَ الْمُسْلِمُ الَّذِي كَانَ أَسِيرًا فِي دَارِهِمْ: هَذَا الْبَغْلُ وَهَذَا الْمَالُ كَانَ لِهَذَا الْمُسْتَأْمَنِ، أَخَذْتُهُ مِنْهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ بَعْدَ مَا خَرَجْنَا. وَقَالَ الْمُسْتَأْمَنُ: الْبَغْلُ وَمَا عَلَيْهِ لِي وَهَذَا كَاذِبٌ. وَالْبَغْلُ فِي أَيْدِيهِمَا، فَفِي الْقِيَاسِ نِصْفُهُ لِلْمُسْتَأْمَنِ بِاعْتِبَارِ يَدِهِ، وَنِصْفُهُ فَيْءٌ لِأَهْلِ الْعَسْكَرِ إذَا أَخْرَجَهُ إلَيْهِمْ. لِأَنَّ الْأَسِيرَ بِإِقْرَارِهِ يُرِيدُ إبْطَالَ حَقِّ أَهْلِ الْعَسْكَرِ بَعْدَمَا ثَبَتَ حَقُّهُمْ. وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولِ الْقَوْلِ فِي حَقِّهِمْ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْمَنِ.

<<  <   >  >>