للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأَرْبَعَةُ، وَلَكِنْ لَا نَعْلَمُ الْأَرْبَعَةَ بِأَعْيَانِهِمْ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَقُولُ: أَنَا مِنْ الْأَرْبَعَةِ. فَهُمْ جَمِيعًا آمِنُونَ، لَا يَحِلُّ قَتْلُ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا أَسْرُهُ.

لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَرَدَّدَ حَالُهُ بَعْدَمَا حَصَلَ فِينَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ آمِنًا مَعْصُومَ الدَّمِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُبَاحَ الدَّمِ. فَيَتَرَجَّحُ جَانِبُ الْعِصْمَةِ عَمَلًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ فِي شَيْءٍ إلَّا غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ» وَلِأَنَّ الْأَمَانَ يُتَوَسَّعُ فِي إثْبَاتِ حُكْمِهِ لَا فِي الْمَنْعِ مِنْ ثُبُوتِ حُكْمِهِ، وَلِأَنَّ تَرْكَ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ، وَهُوَ حَلَالٌ لَهُ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى قَتْلٍ أَوْ أَسْرٍ فِي مَحَلٍّ مَعْصُومٍ. ثُمَّ هَذَا التَّجْهِيلُ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُسْلِمِينَ حِينَ لَمْ يُعَلِّمُوا الْأَرْبَعَةَ بِعَلَامَةٍ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ تَمْيِيزِهِمْ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ عَنْ أَغِيَارهمْ، فَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي إبْطَالِ الْأَمَانِ الثَّابِتِ بِطَرِيقِ الِاحْتِمَالِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.

وَلَكِنَّهُمْ يَبْلُغُونَ مَأْمَنَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أُمِّنُوا جَمِيعًا.

٥٦٧ - وَلَوْ أَنَّ الْأَمِيرَ أَمَّنَ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ بِأَعْيَانِهِمْ وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالنُّزُولِ، ثُمَّ فَتَحَ الْحِصْنَ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: أَنَا مِنْ الْأَرْبَعَةِ. فَإِنْ عَرَفَ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ أَمَّنُوهُمْ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ فَيْئًا.

لِأَنَّهُمْ أُخِذُوا فِي مَنَعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَمَنْ كَانَ فِي مَنَعَةِ أَهْلِ الْحَرْبِ فَهُوَ مُبَاحُ الْأَخْذِ، إلَّا أَنْ يُعْلَمَ فِيهِ مَانِعٌ، وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ. بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَهُنَاكَ الْأَرْبَعَةُ صَارُوا آمِنِينَ، وَهُمْ فِي مَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَمِنْ فِي مَنَعَةِ

<<  <   >  >>