وَلَوْ قَالَ: أَفْتَحُ لَكُمْ عَلَى أَنْ تُؤَمِّنُونِي فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ، أَوْ عَلَى أَنِّي آمِنٌ فِي عَشَرَةٍ. فَهُوَ سَوَاءٌ، وَهُوَ آمِنٌ وَتِسْعَةٌ مَعَهُ.
لِأَنَّ حَرْفَ فِي لِلظَّرْفِ. فَقَدْ جَعَلَ نَفْسَهُ فِي جُمْلَةِ الْعَشَرَةِ الَّذِينَ الْتَمَسَ الْأَمَانَ لَهُمْ. فَلَا يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ إلَّا تِسْعَةٌ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَنَاوَلَ عَشَرَةً سِوَاهُ كَانَ هُوَ آمِنًا فِي أَحَدَ عَشَرَةَ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَهُنَاكَ مَا جَعَلَ نَفْسَهُ فِي جُمْلَةِ الْعَشَرَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ جَعَلَ الْعَشَرَةَ هُنَا ظَرْفًا لِنَفْسِهِ وَالْمَظْرُوفُ غَيْرُ الظَّرْفِ.
قُلْنَا: هُوَ كَذَلِكَ فِيمَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الظَّرْفُ. وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْعَدَدِ إلَّا بِالطَّرِيقِ الَّذِي قُلْنَا. وَهُوَ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَحَدُهُمْ وَيُجْعَلَ كَأَنَّهُ قَالَ: اجْعَلُونِي أَحَدَ الْعَشَرَةِ الَّذِينَ تُؤَمِّنُونَهُمْ.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنَى الظَّرْفِ حَقِيقَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ بِمَعْنَى مَعَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى؛ {فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} [الفجر: ٢٩] أَوْ يُجْعَلَ بِمَعْنَى عَلَى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: ٧١] وَبِاعْتِبَارِ الْوَجْهَيْنِ يَثْبُتُ الْأَمَانُ لِعَشَرَةٍ سِوَاهُ.
قُلْنَا: الْكَلِمَةُ لِلظَّرْفِ حَقِيقَةً، فَيَجِبُ حَمْلُهَا عَلَى ذَلِكَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ. وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَحَدُهُمْ دَاخِلًا فِي عَدَدِهِمْ، فَلِهَذَا لَا نَحْمِلُهُ عَلَى الْمَجَازِ.
ثُمَّ الْخِيَارُ فِي التِّسْعَةِ الَّذِينَ مَعَهُ إلَى الْإِمَامِ هَا هُنَا، لَا إلَى رَأْسِ الْحِصْنِ.
لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ أَحَدَ الْعَشَرَةِ، فَكَمَا لَا خِيَارَ لَهُ لِمَنْ سِوَاهُ مِنْ الْعَشَرَةِ فِي التَّعْيِينِ لَا خِيَارَ لَهُ. وَهَذَا لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَا حَظٍّ مِنْ أَمَانٍ الْعَشَرَةِ عَلَى أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute