لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ، فَقَدْ أَلْصَقَ أَمَانَ الْعَشَرَةِ بِأَمَانِهِ. وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْعَشَرَةُ سِوَاهُ. وَلَكِنَّ هَذَا غَلَطٌ زَلَّ بِهِ قَلَمُ الْكَاتِبِ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْعَتِيقَةِ (آمِنُونِي فَعَشَرَةً) .
لِأَنَّ الْفَاءَ مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْوَصْلَ وَالتَّعْقِيبَ، فَيَسْتَقِيمُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَمِّنُونِي وَعَشَرَةً. فَأَمَّا الْبَاءُ فَتَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: أَمِّنُونِي بِعَشَرَةٍ؛ بِمَعْنَى عَشَرَةً أُعْطِيكُمْ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ عِوَضًا عَنْ أَمَانِي. وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ فِي هَذَا الْجِنْسِ مِنْ الْمَسَائِلِ. فَعَرَفْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ قَوْلُهُ: أَمِّنُونِي فَعَشَرَةً.
٥٩٤ - وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي ثُمَّ عَشَرَةً. كَانَ هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءً، فَالْعَشَرَةُ سَوَاءٌ.
لِأَنَّ كَلِمَةَ ثُمَّ لِلتَّعْقِيبِ مَعَ التَّرَاخِي. وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَيْضًا أَنَّ الصَّحِيحَ فِي الْأَوَّلِ قَوْلُهُ فَعَشَرَةً؛ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِمَا هُوَ لِلْعَطْفِ مُطْلَقًا ثُمَّ بِمَا هُوَ لِلْعَطْفِ عَلَى وَجْهِ التَّعْقِيبِ بِلَا مُهْمَلَةٍ، ثُمَّ إنَّمَا هُوَ لِلتَّعْقِيبِ مَعَ التَّرَاخِي.
٥٩٥ - وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُوا لِي عَشَرَةً، فَالْخِيَارُ فِي تَعْيِينِهِمْ إلَى الْإِمَامِ.
لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَمْ يَجْعَلْ نَفْسَهُ ذَا حَظٍّ، وَإِنَّمَا الْتَمَسَ الْأَمَانَ بِعَشَرَةٍ مُنَكَّرَةٍ.
فَكَأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ فَقَالَ: عَشَرَةٌ مِنْكُمْ آمِنُونِي عَلَى أَنْ يَفْتَحُوا. فَالْخِيَارُ فِي تَعْيِينِهِمْ إلَى الْإِمَامِ. إنْ شَاءَ جَعَلَ الْمُتَكَلِّمَ أَحَدَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَجْعَلْ.
٥٩٦ - وَلَوْ قَالَ: أَمِّنُونِي مَعَ عَشَرَةٍ، فَالْعَشَرَةُ سِوَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute