وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَظْهَرْ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يُنْسَبُونَ إلَى آبَائِهِمْ لَا إلَى أَبِي أُمِّهِمْ. إلَّا أَنْ يَكُونَ جَرَى مُقَدِّمَةٌ بِأَنْ يَقُولَ: لِي بَنَاتُ بَنَاتٍ، وَقَدْ مَاتَتْ أُمَّهَاتُهُنَّ، فَأَمِّنُونِي فِي بَنَاتِي. فَحِينَئِذٍ يُعْرَفُ بِتِلْكَ الْمُقَدِّمَةِ أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَأْمَنَ لَهُنَّ.
وَالرُّجُوعُ إلَى دَلَالَةِ الْحَالِ لِمَعْرِفَةِ الْمَقْصُودِ بِالْكَلَامِ أَصْلٌ صَحِيحٌ فِي الشَّرْعِ.
٦١١ - وَلَوْ قَالَ: آمِنُونِي فِي مَوَالِيَّ. وَلَهُ مَوَالٍ وَمَوَالِي مَوَالٍ، كَانُوا آمِنِينَ اسْتِحْسَانًا.
لِأَنَّ الِاسْمَ لِمُعْتِقِهِ حَقِيقَةً، بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَحْيَاهُمْ بِالْإِعْتَاقِ حُكْمًا. أَوْ لِمُعْتِقِ مُعْتِقِهِ مَجَازًا، بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ حِينَ جَعَلَ الْمُعْتِقِينَ أَهْلًا لِإِيجَابِ الْعِتْقِ لَهُمْ، فَكَأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِعْتَاقِهِمْ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْأَمَانَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّوَسُّعِ، وَأَنَّ مُجَرَّدَ صُورَةِ اللَّفْظِ يَكْفِي لِثُبُوتِ حَقْنِ الدَّمِ بِهِ احْتِيَاطًا، وَإِنَّمَا لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَأَمَّا فِي مَحَلَّيْنِ فَيَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ (ص ١٤٣) الْمَجَازُ مُعَارِضًا لِلْحَقِيقَةِ فِي إدْخَالِ الْجِنْسِ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِيقَةِ، وَفِي الْأَمَانِ لَا يُؤَدِّي إلَى هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ. وَإِنَّمَا هَذَا نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى؛ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣] حَتَّى يَتَنَاوَلَ الْأُمَّ وَالْجَدَّاتِ جَمِيعًا.
٦١٢ - وَلَوْ قَالَ: آمِنُونِي فِي مَوَالِيَّ. وَلَهُ مَوَالٍ أَعْتَقُوهُ وَمَوَالٍ أَعْتَقَهُمْ، فَالْأَمَانُ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَرِيقَيْنِ بِهَذَا اللَّفْظِ.
لِأَنَّ مَقْصُودَهُ مِنْ طَلَبِ الْأَمَانِ لِلْأَعْلَى مُجَازَاتُهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ، وَلِلْأَسْفَلِ التَّرَحُّمُ وَالزِّيَادَةُ فِي الْإِنْعَامِ عَلَيْهِ. وَهُمَا مَعْنَيَانِ مُتَغَايَرَانِ. وَلَا عُمُومَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute