مَا لَوْ قَالُوا: أَمَّنَّاك عَلَى أَهْلِك وَوَلَدِك، أَوْ عَلَى أَهْلِك وَمَالِك، عَلَى أَنْ تَفْتَحَ الْحِصْنَ. وَلَوْ كَانَ قَالَ: اعْقِدُوا لِي الْأَمَانَ عَلَى فُلَانٍ فَهُمَا آمِنَانِ أَيْضًا.
٦٢١ - وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: اجْعَلُوا لِي الْأَمَانَ عَلَى فُلَانٍ.
لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِ الْأَمَانِ لِنَفْسِهِ وَلِفُلَانٍ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا قَالَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ آمِنُوا لِي عَشَرَةً. فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ الْأَمَانُ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ كَلَامِهِ هُنَاكَ آمِنُوا لِأَجْلِي، فَلَا يَصِيرُ مُضِيفًا الْأَمَانَ إلَى نَفْسِهِ، بَلْ يَصِيرُ مُلْتَمِسًا الْأَمَانَ لِعَشَرَةٍ مُنَكَّرَةٍ، مُتَشَفِّعًا فِي ذَلِكَ. وَكَمْ مِنْ شَفِيعٍ لَا حَظَّ لَهُ فِيمَا يَشْفَعُ فِيهِ.
وَلَا يَتَحَقَّقُ هَذَا الْمَعْنَى هُنَا، فَإِنَّ قَوْلَهُ: اعْقِدُوا لِي الْأَمَانَ تَصْرِيحٌ بِإِضَافَةِ الْأَمَانِ إلَى نَفْسِهِ. وَلِأَنَّهُ قَالَ عَلَى فُلَانٍ. وَلَوْ حَمَلْنَا قَوْلَهُ عَلَى مَعْنَى الشَّفَاعَةِ لَمْ يَبْقَ لِقَوْلِهِ: (عَلَى) فَائِدَةٌ، بَلْ يَصِيرُ كَلَامُهُ اعْقِدُوا أَوْ اجْعَلُوا لِأَجْلِي وَبِشَفَاعَتِي الْأَمَانَ لِفُلَانٍ. وَكَلِمَةُ عَلَى لِلشَّرْطِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إعْمَالِهَا إذَا صَرَّحَ بِهَا. وَذَلِكَ فِي أَنْ يَلْتَمِسَ الْأَمَانَ لِنَفْسِهِ وَيَشْتَرِطَ أَمَانَ فُلَانٍ مَعَهُ. وَفِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَذْكُرْ كَلِمَةَ عَلَى، إنَّمَا قَالَ: آمِنُوا لِي عَشَرَةً.
٦٢٢ - وَلَوْ قَالَ: عَاقِدُونِي عَلَى أَنَّ الْأَمَانَ عَلَى رَأْسِ الْحِصْنِ، فَالرَّأْسُ آمِنٌ وَالْمُتَكَلِّمُ فَيْءٌ.
لِأَنَّهُ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ دُونَ الْأَمَانِ. وَكَمْ مِنْ مُبَاشِرٍ لِلْعَقْدِ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ الْمَقْصُودِ بِالْعَقْدِ، خُصُوصًا فِي هَذَا الْعَقْدِ الَّذِي لَا تَتَعَلَّقُ الْحُقُوقُ فِيهِ بِالْعَائِدِ. وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِضَافَةِ (ص ١٤٥) إلَى مَنْ يَقَعُ الْعَقْدُ لَهُ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَوْ قَالُوا: عَاقَدْنَاكَ الْأَمَانَ عَلَى الرَّأْسِ إنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute