للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ قَالَ: اعْقِدُوا لِي الْأَمَانَ عَلَى أَهْلِ حِصْنِي عَلَى أَنْ أَدُلَّكُمْ عَلَى الطَّرِيقِ إلَى مَوْضِعِ كَذَا. فَفَعَلُوا، وَفَتَحَ الْحِصْنَ.

فَجَمِيعُ مَنْ فِي الْحِصْنِ، وَجَمِيعُ مَا فِيهِ دَاخِلٌ فِي الْأَمَانِ هُنَا.

لِأَنَّ شَرْطَ الْأَمَانِ هُنَا جَزَاءٌ عَلَى الدَّلَالَةِ لَا عَلَى فَتْحِ الْبَابِ، فَفِي كَلَامِهِ بَيَانُ أَنَّهُ يَدُلُّهُمْ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْقَرَارِ فِي حِصْنِهِ مَعَ أَهْلِ الْحِصْنِ عَلَى مَا كَانُوا مِنْ قَبْلُ. وَفِي مِثْلِ هَذَا الْأَمَانِ تَدْخُلُ الْأَمْوَالُ.

٦٣١ - وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: اعْقِدُوا لِي الْأَمَانَ عَلَى أَهْلِ حِصْنِي عَلَى أَنْ تَدْخُلُوهُ فَتُصَلُّوا فِيهِ. فَلَيْسَ لَهُمْ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ مِنْ النُّفُوسِ وَلَا مِنْ الْأَمْوَالِ.

لِأَنَّ فِي كَلَامِهِ تَصْرِيحًا بِمَا هُوَ فَائِدَةُ فَتْحِ الْبَابِ، وَهُوَ الصَّلَاةُ فِيهِ دُونَ إزْعَاجِ أَهْلِهِ مِنْهُ. وَقَدْ يَرْغَبُ الْمُسْلِمُونَ فِي ذَلِكَ لِيُفْشُوا الْخَبَرَ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ صَلَّوْا بِالْجَمَاعَةِ فِي حِصْنِ كَذَا، فَيَقَعُ بِهِ الرُّعْبُ فِي قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ، أَوْ لِيُعْبَدَ اللَّهُ فِي مَكَان لَمْ يَعْبُدْهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَهْلُهُ. وَمَكَانُ الْعِبَادَةِ شَاهِدٌ لِلْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْأَثَرُ.

٦٣٢ - وَلَوْ قَالَ: آمِنُونِي عَلَى أَهْلِ الْحِصْنِ عَلَى أَنْ تَدْخُلُوهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ ذَلِكَ. فَهَذَا الْأَمَانُ عَلَى النَّاسِ خَاصَّةً.

لِأَنَّ فَائِدَةَ دُخُولِ الْحِصْنِ الِاسْتِغْنَامُ، هُوَ الظَّاهِرُ وَمَا سِوَاهُ مُحْتَمَلٌ.

وَلَكِنَّ الْمُحْتَمَلَ لَا يُقَابِلُ الظَّاهِرَ. فَإِذَا انْعَدَمَ التَّصْرِيحُ بِالْوَجْهِ الْمُحْتَمَلِ كَانَ الْكَلَامُ مَحْمُولًا عَلَى الظَّاهِرِ. إلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

<<  <   >  >>