للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ زِيَادَةً عَلَى مَالِهِ.

لِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْأَلْفَ لِنَفْسِهِ عِوَضًا. فَإِنَّهُ أَضَافَ الْأَلْفَ إلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ: مِنْ مَالِي. وَمَالُهُ لَا يَسْلَمُ لَهُ عِوَضًا عَنْ فَتْحِ الْبَابِ، بَلْ يَسْلَمُ لَهُ بِأَنْ أُعْطِيَ الْأَمَانَ فِي مَالِهِ كَمَا فِي نَفْسِهِ. وَبِطَرِيقِ الْأَمَانِ لَا يَسْلَمُ لَهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَالِهِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. فَقَدْ أَطْلَقَ تَسْمِيَةَ الْأَلْفِ بِمُقَابَلَةِ مَنْفَعَةٍ شَرَطَهَا عَلَى نَفْسِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عِوَضًا، بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ يَقُولُ: أَعْمَلُ لَك هَذَا الْعَمَلَ عَلَى دِرْهَمٍ، وَلَوْ قَالَ: أَعْمَلُ لَك هَذَا الْعَمَلَ عَلَى دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إجَارَةً. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ دَرَاهِمَ وَلَكِنَّهُ كَانَ عُرُوضًا أُعْطِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا يُسَاوِي أَلْفًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: مِنْ مَالِي. فَإِنَّمَا جَعَلَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الْأَمَانُ جُزْءًا مِنْ مَالِهِ، وَبِصِفَةِ الْمَالِيَّةِ الْأَمْوَالُ جِنْسٌ وَاحِدٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ (ص ١٤٧) عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ دَرَاهِمِي؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ فِيهِ الْأَمَانُ هُنَاكَ جُزْءٌ مِنْ دَرَاهِمِهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَرَاهِمُ لَمْ يُصَادِفْ هَذَا الْأَمَانُ مَحَلَّهُ، فَكَانَ لَغْوًا. وَنَظِيرُهُ الْوَصِيَّةُ إذَا قَالَ: أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي. أُعْطِيَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَرَاهِمُ. وَإِنْ قَالَ: مِنْ دَرَاهِمِي لَمْ يُعْطَ شَيْئًا.

ثُمَّ ذَكَرَ سُؤَالًا فَقَالَ:

٦٣٧ - إذَا قَالَ عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِي لِمَاذَا لَا يَجْعَلُ شَرْطًا لِلْأَلْفِ عَلَى نَفْسِهِ لِلْمُسْلِمِينَ عِوَضًا عَنْ الْأَمَانِ، فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ شَرَطَ لَهُمْ فَتْحَ الْحِصْنِ وَأَلْفَ دِرْهَمٍ عَنْ نَفْسِهِ عِوَضًا عَنْ أَمَانِهِ.

قُلْنَا: لِأَنَّ فِي هَذَا إلْغَاءَ هَذَا الشَّرْطِ. فَإِنَّهُ لَوْ فَتَحَ الْبَابَ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ كَانَ مَالُهُ كُلُّهُ فَيْئًا.

فَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادَهُ - وَتُؤَمِّنُونِي عَلَى أَلْفٍ مِنْ مَالِي - أَنْ تَكُونَ الْأَلْفُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ مَالِهِ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ سَالِمًا لَهُ مِنْ مَالِهِ

<<  <   >  >>